توقيت القاهرة المحلي 09:00:51 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحياة لـ«التعاليم»

  مصر اليوم -

الحياة لـ«التعاليم»

بقلم - د. محمود خليل

الشىء العجيب فى تفسير الآية الكريمة التى تقول: «إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا»، تجده فيما تذكره بعض التفاسير من أن هناك من تبنَّى وجهة نظر تذهب إلى أن «متوفيك» معناها «مميتك» وليس «منيمك».

يذكر «الطبرى» فى تفسيره أن «ابن عباس» ذكر أن «إنى متوفيك» معناها إنى مميتك، كما نقل عن وهب بن منبه اليمانى قوله: توفى الله عيسى ابن مريم ثلاث ساعات من النهار حتى رفعه إليه.

ومعلوم أن البعض يذهب إلى أن «وهب بن منبه» من المتهمين بتسريب الإسرائيليات إلى التفاسير الإسلامية، وهو ذات الاتهام الذى يوجَّه إلى كعب الأحبار، لكن ما القول بالنسبة لابن عباس؟ وكيف تبنَّى وهب وابن عباس ذلك، وهما يعلمان قوله تعالى: «وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم» وقوله «وما قتلوه يقيناً»؟.. ولعلك تلاحظ أن «ابن منبه» أشار إلى أن المسيح مات 3 ساعات، ثم رفع بعدها.

ظنى أن من تبنى هذا الرأى فهم أن للوفاة أشكالاً كثيرة، من بينها القتل، وأن ما نفاه القرآن الكريم عن المسيح هو القتل على يد بنى إسرائيل، لكن لم ينفِ عنه الوفاة، بل أشار إليها فى أكثر من موضع.. «إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك».. «وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته».. «والسلام علىَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حياً».. فموت المسيح يكاد يكون ثابتاً، لكن الخلاف لدى المفسرين على أمرين، أولهما توقيت الوفاة: وهل كان فى الظهور الأول له أم فى الظهور الذى يسبق نهاية العالم، وقد تأول المفسرون كثيراً على هذا الأمر فى محاولات -كانت غير مقنعة فى أغلبها- بأن الموت سيكون فى الظهور الثانى وليس الأول، وثانيهما كيفية الوفاة.

فى كل الأحوال ستظل رحلة المسيح تحمل كل المعانى السامية لرغبة الإنسان فى التحرر.. أو كما يقول الأديب الكبير «نيكوس كازنتازاكيس» وهو يقدم لكتابه «الإغواء الأخير للمسيح»: «أردت أن أقدم نموذجاً سامياً للإنسان المقاوم، أردت أن أبين له أن عليه ألا يخشى الألم، أو الغواية أو الموت، لأن الثلاثة يمكن قهرهم، وأن الثلاثة قد قهروا فعلا».. لقد قهر السيد المسيح الألم، وتحمل الكثير فى سبيل تحرير الإنسان، وقهر الشيطان، أما موته وكيفيته وتوقيته ففى علم الله، لكنك تستطيع أن تحس فى الآيات القرآنية الكريمة التى تناولت هذه المسألة أن المسيح تمكن فى ختام رحلته من الارتفاع والسمو والتسامى على كل شىء فى هذا الوجود، بما فى ذلك الموت.

لقد حررت تعاليم المسيح الإنسان، ومنحته حياة أرقى وأكثر حكمة ورحمة، ودافعت عن آدمية بنى آدم، وانتصرت لكرامة الإنسان، وحياة كل رسل الله تعالى فى تعاليمهم، وموتهم يمنح التعاليم التى جاءوا بها من السماء حياة أطول وأعرض.

كل عيد قيامة ومصرنا الغالية بخير وأهلها الطيبون أكثر حكمة ورحمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحياة لـ«التعاليم» الحياة لـ«التعاليم»



GMT 08:55 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

النهاية!

GMT 08:54 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

تخريبُ أم جهل؟

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

سوريا.. درس التاريخ المتكرر!

GMT 08:52 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجرد تحذير

GMT 15:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

سوريا بين المستقبل و«الحكم الأصولي»

GMT 15:35 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

سوريا.. أى مسار مستقبلى؟

GMT 15:34 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إسرائيل وثمن إسقاط الأسد

GMT 15:33 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أنا المدير.. أنا لست جيدًا بما يكفى

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين
  مصر اليوم - مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها
  مصر اليوم - دليل لاختيار أقمشة وسائد الأرائك وعددها المناسب وألوانها

GMT 09:38 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
  مصر اليوم - نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:21 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية
  مصر اليوم - إطلاق إعلان الرياض لذكاء اصطناعي مؤثر لخير البشرية

GMT 23:09 2019 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

بورصة دبي تغلق دون تغيير يذكر عند مستوى 2640 نقطة

GMT 21:08 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

باريس سان جيرمان يستهدف صفقة من يوفنتوس

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon