توقيت القاهرة المحلي 06:58:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رغم النكبة.. سنقرع أجراس العودة

  مصر اليوم -

رغم النكبة سنقرع أجراس العودة

بقلم - د. محمود خليل

كأننا نعيش وقائع نفس يوم النكبة على مدار ستة وسبعين عاماً.. ظلمة ليل حالكة السواد، لا يطلع لها نهار، ولا تنجلى عن صبح به بصيص ضوء، هى كما الدهر طويلة بلا نهاية، عمرها كل تلك السنوات التى تأبى أن تتوقف أو تتغير. كان الشاعر المصرى أحمد محرم فى اعتقاد الكثيرين من أوائل من أطلق اسم النكبة على مأساة فلسطين، حين نشر فى جريدة البلاغ المصرية فى عام 1933، أى قبل حدوث نكبة فلسطين بخمسة عشر عاماً، قصيدة طويلة بعنوان «نكبة فلسطين»، وهى أول قصيدة شعرية تحمل المصطلح، وبكائية لم تجد من مستجيب.

مجتمع كامل له من التاريخ ما لا يحتمل الإنكار يتحول إلى مجموعات من المهجرين فى كل بقاع الأرض، حتى صار أحدهم رئيساً لدولة السلفادور فى أمريكا اللاتينية قبل أن تصير فلسطين دولة، «نجيب بوكيلة» مثل إضافة كارثية لسلسلة النكبات الفلسطينية، فهو صديق إسرائيل وزار حائط المبكى فى تجسيد صارخ للمعنى الحقيقى لذلك التعبير العبقرى «نكبتنا فى نخبتنا».

فى سنوات ما قبل النكبة لم تتوقف رحلات التجارة بين سيناء وفلسطين، ولم تطبق حواجز الحدود التى رسمت فى العام 1906، ولد الكثير من المصريين هناك بمن فيهم أمى «مواليد يافا»، واختار عدد لا بأس به من الفلسطينيين العيش على الأراضى المصرية، وحملوا جنسيتها وتشابكت الأنساب واتسعت الروابط حتى صارت العائلات تضم من الجنسيتين الكثير.. الأخوة فى نفس الدار بعضهم يحمل بطاقة هوية مصرية والآخرون لديهم وثيقة سفر فلسطينية.

كان لمدينتى «العريش» نصيب لا بأس به من اللاجئين الفلسطينيين، إلى جوار الدار عاشت عشرات الأسر من كل القرى، بعضهم وفد إليها زمن النكبة وآخرون بعد نكسة 67.. اللد والرملة.. جباليا وقرى ومدن أخرى لم أعد أتذكرها ولكننى لا أنسى تلك الوجوه والأزياء التى حافظوا عليها طوال سنوات الاحتلال الإسرائيلى لسيناء.. أثواب مطرزة بألوان حقول فلسطين الزاهرة وسراويل الرجال الواسعة والكوفية التى صارت تراثاً مشتركاً.. أحزمة الوسط التى صارت بلا خناجر.. مفاتيح الدور المعلقة فى رقاب العجائز.. طنجرة المقلوبة.. أبو جلال وأم موسى وأبوالعبد.. غيض من فيض أسماء أشخاص جاورتهم سنوات، لم يخالطهم شعور الغربة، أهل الديار وأصحابها.. كلانا كان يعانى احتلال أرضه ونزوح أهله.. شراكة لم تنفض ولن تنتهى. هنا فقط كان وقع النكبة خافتاً بعض الشىء، على بعد كيلومترات قليلة من قطاع غزة يحدوهم الأمل فى انتظار أجراس العودة أن تقرع وإن طال الزمان فتكون العودة أسرع، جمعنا الخوف كثيراً والفرح أحياناً، جميعنا خرج محتفلاً فى شوارع المدينة فى السادس من أكتوبر73، سهرنا حتى الصباح ليلة عبور قناة السويس واجتياح خط بارليف، وطوال ليالى الحرب فى انتظار طلائع الجيش المنتصر.. تبادلنا تلاوة أبيات الشعر ورقصنا الدبكة.. غنينا النشيد الوطنى المصرى فى جماعة، لم يعرف اليأس لنا طريقاً عندما توقفت الحرب، ازددنا يقيناً فى نصر الجولة القادمة.

غادر الجمع شارعنا عائدين إلى قطاع غزة مع تطبيق اتفاق السلام وتسليم المدينة ضمن خطة الانسحاب الإسرائيلى من الأراضى المصرية، حاملين مفاتيح الدور وحلم العودة فى مشهد وداع يهز القلوب.. نزوح جديد هذه المرة فى الاتجاه الصحيح.. اختلطت المشاعر ما بين الحزن على فراقهم والأمل فى لقاء قريب على أرض فلسطين المحررة.. ها هم يعودون إلى بلادهم وتعود لنا بلادنا. على بعد عقود من تلك الأيام غادر بعضهم إلى بلاد أوروبية وحمل جنسيتها ومات فيها غريباً، فيما بقى الغالبية العظمى فى قطاع غزة.. مات بعض العجائز وكبر الصغار ولم نتقدم خطوة واحدة تحسب على طريق استعادة الحقوق.. استشهد مئات الآلاف فى معارك التحرير التى لم ولن تتوقف.. تقطعت الصلات ولم نعد نعرف أخبار الكثيرين.. فقد بعضنا الأمل وأصاب اليأس البعض الآخر فمد يده وصافح صناع النكبة، صار المشهد عبثياً إلى أقصى درجة، قصف المحتلون البيوت وقتلوا الأصدقاء وغيروا معالم الأرض، احترقت الحقول وأدميت القلوب.. شىء وحيد لم يتغير.. اليقين بأننا سنعبر النكبة وسنقرع أجراس العودة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رغم النكبة سنقرع أجراس العودة رغم النكبة سنقرع أجراس العودة



GMT 09:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 08:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 08:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 08:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon