توقيت القاهرة المحلي 12:19:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحساب آتٍ

  مصر اليوم -

الحساب آتٍ

بقلم - د. محمود خليل

اتباع الهوى وعدم الاحتكام إلى قيم ومعايير العقل والدين يعدان مؤشرين أساسيين على الضلال.. والضلال هو الطريق السريع الذى يؤدى بصاحبه إلى نسيان يوم الحساب.. يقول الله تعالى: «يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ».

الخطاب فى الآية الكريمة يتوجه إلى نبى الله «داود» عليه السلام، ويبدأ بتنبيهه إلى خطورة الموقع الذى وضعه الله فيه، وهو موقع «الخليفة». معانٍ كثيرة يمكن أن نستخلصها من تأمل مفردة «خليفة»، أخطرها معنى الوريث والامتداد لمن سبقه من الأنبياء أو المرسلين، وأحد الأدوار الأصيلة للخليفة -كما توضح الآية الكريمة- يتحدد فى القضاء بين الناس، والتأكيد على العدل وإحقاق الحق عند الفصل فى الخلافات، وأن الحكم لا بد أن يكون بريئاً من الهوى، بما يعنيه ذلك من تنحية المصالح الخاصة والميول الذاتية جانباً، وإصدار الأحكام بأعلى درجات الموضوعية. فالاحتكام إلى الهوى يؤدى بالضرورة إلى الضلال، والحيود عن طريق الله، والحيود عن طريق الله مؤشر لا يخطئ على نسيان يوم الحساب.

ولو أنك تأملت معنى كلمة «الحكم» فى القرآن الكريم فسوف تجد أنها دالة على «الحكمة» بما تعنيه من قدرة على إدراك الحقيقة، والتجرد من الهوى عند إطلاق الأحكام، والموضوعية فى النظر إلى الأشياء، والعدل فى سياسة أمور البشر. معنى الحكمة فى القرآن الكريم كبير وخيرها لمن رزقها كبير: «وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا»، لذا مزج الله تعالى بينها وبين الحكم «وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا».

الويل كل الويل للواقع الذى تغيب عنه الحكمة، ويسيطر عليه الهوى. فتلك هى مقدمة اللعنة، لأن سيطرة الهوى تعنى غياب العدل كما تشير الآية الكريمة: « فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى»، وغياب العدل يعنى ضياع الحقوق. وهناك حديث للنبى صلى الله عليه وسلم يقول: «لعن الله قوماً ضاع الحق بينهم».. والخضوع للهوى ليس له من معنى سوى نسيان يوم الحساب، فصاحب الهوى هو شخص مستغرق فى ذاته، متشرنق حول نفسه لا يكاد يبصر إلهاً، ومن الطبيعى أن ينسى يوم الحساب، فهذا النسيان هو الذى يغريه أكثر وأكثر بالخضوع لهواه، وحتى إذا تذكر قصة الحساب فى لحظة فإنه يصرفها عن ذهنه مباشرة، ليدخل فى دائرة التيه والنسيان.

وقد يتساءل البعض: أيهما يسبق الآخر: اتباع الهوى أم نسيان يوم الحساب؟ الآية الكريمة تحمل دلالة على أن نسيان يوم الحساب هو الأصل أو المقدمة، التى تترتب عليها تلك النتيجة الخطيرة، المتمثلة فى «اتباع الهوى»، واتباع الهوى مقدمة لضلال الإنسان عن طريق الله، طريق الحق والعدل والاستقامة.

لقد نبه الله تعالى أنبياءه إلى ضرورة أن يذكّروا أنفسهم وأقوامهم -باستمرار- بأن يوم الحساب آتٍ لا بد، وأن العاقل من يحذر فى سلوكياته ويتقى الله فيما يفعل، لأنه محاسَب. فإنكار الحقيقة أو نسيانها لا ينفى وجودها.. الله موجود والحساب آتٍ لا ريب فى ذلك. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحساب آتٍ الحساب آتٍ



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon