توقيت القاهرة المحلي 20:12:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحكماء الثلاثة

  مصر اليوم -

الحكماء الثلاثة

بقلم - د. محمود خليل

الحكماء الثلاثة: أولهم «بقلى» والثانى «مفتى» والثالث «فؤاد».. الخيط الذى جمع بينهم هو الطب، وكان لكل منهم معه قصة، قصة تحكى لك معانى جليلة حول هذه المهنة المقدسة، التى ترفع صاحبها إلى منصة الحكمة، وتدفع من حوله إلى وصفه بـ«الحكيم»، تيمناً بكهنة وحكماء مصر القديمة الذين احترفوا الطب.. وهل ثمة حكمة فى الحياة أرقى من تخفيف ومداواة آلام البشر؟.. إنهم نماذج ثلاثة قدمت تجارب شديدة الكفاءة والإثارة والعبقرية والإنسانية فى مجال الطب.. الحكماء الثلاثة بالترتيب هم: محمد على باشا الحكيم، وهو من مواليد الربع الأول من القرن التاسع عشر (1813)، والثانى هو الدكتور أنور المفتى الذى ولد بعد قرن كامل من ميلاد «الحكيم»، أى عام (1913)، والأخير هو الدكتور هاشم فؤاد المولود عام 1927، أى أوائل الربع الثانى من القرن العشرين.

محمد على باشا الحكيم طفل مثلت «زاوية البقلى» بمديرية المنوفية محل ميلاده (عام 1228 هجرية)، نشأ فى أسرة متواضعة، يعولها أب شيخ تفقَّه فى الدين، وأم بسيطة من طيبات ذلك الزمان. ومثله مثل كل أطفال الأسر الريفية (أوائل القرن التاسع عشر) التى يقودها أب واعٍ، تم توجيه الطفل إلى قراءة وحفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة داخل أحد الكتاتيب. يقول «جرجى زيدان» فى كتابه «تراجم مشاهير الشرق فى القرن التاسع عشر» أن «الحكيم» مكث يتعلم فى الكتاب حتى سن التاسعة، وانتقل بعدها إلى القاهرة، ليلتحق بمدرسة أبوزعبل. وهى معلومة -غير دقيقة فى الأغلب- لأن مدرسة الطب بـ«أبوزعبل» أنشأها الوالى محمد على باشا عام 1827 ميلادية، أى وسن «الحكيم» حوالى 14 سنة.

البدايات تحدد المسارات، والمسارات تحدد الخواتيم، ذلك ما يمكن أن تستخلصه وأنت تتأمل المحطة الأولى لتجربة «محمد على الحكيم»، وهى تجربة صنعتها أسرته البسيطة، التى كان عائلها السيد «على الفقيه البقلى» يرى المستقبل جيداً، ويعلم أن الطب فى مصر سوف يتحول إلى علم، يكون لحامله شأن ومكانة، فلم يتردد فى إلحاق ابنه بالمدرسة التى أنشأها الوالى لتعليم الطب، فى وقت كانت فيه بعض الأسر البسيطة ترفض إلحاق أبنائها بالمدارس التى أسسها محمد على، وترى أن عمل أولادها بالزراعة وفلاحة الأرض أجدى من التعليم فى المدارس. الأسر التى آمنت بالتعليم فى ذلك الوقت هى التى استشرفت المستقبل بدقة وأدركت أنه يخبئ أدواراً مهمة للمتعلمين داخل أروقة السلطة. ربما استوعب بعضهم أن الوالى يهتم بالتعليم كجزء من مشروعه الكبير فى تحقيق الحلم النابليونى ببناء إمبراطورية شرقية كبيرة تكون قاعدتها مصر، ويكون بمقدورها أن ترث الإمبراطورية العثمانية، لكنهم لم يتوقفوا أمام ذلك كثيراً، فما كان يهمهم أن يجدوا لعائلاتهم موضع قدم داخل دواوين السلطة.

ورغم الدور الكبير والمهم الذى قام به الفرنسى «كلوت بك» فى تأسيس مدرسة الطب بـ«أبوزعبل»، فإن توجيهات الوالى محمد على كانت حاضرة فى تحديد نظام التعليم بالمدرسة. فكان الطفل يلتحق أول ما ينتسب إليها بـ«المكتب الديوانى» وفيه يتعلم القرآن الكريم تلاوةً وحفظاً، وبعض مبادئ العلوم اللغوية، ومدة الدراسة به 3 سنوات، كما يشير «جرجى زيدان»، ويلتحق التلميذ بعده بـ«المدرسة التجهيزية»، ليدرس مجموعة متنوعة من العلوم، فإذا أثبت كفاءة فيها ينتقل إلى دراسة الطب. وقد نجح التلميذ محمد على البقلى فى قطع هذه الأشواط حتى التحق بـ«تخصص الطب».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحكماء الثلاثة الحكماء الثلاثة



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon