توقيت القاهرة المحلي 16:08:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأول من رمضان

  مصر اليوم -

الأول من رمضان

بقلم - د. محمود خليل

هل كان لطبيعة اليوم الذي توفي فيه الدكتور أنور المفتي رحمه الله دور في الشائعات التي راجت حول وفاته؟

في يوم الخميس 16 يناير 1964 الموافق 1 رمضان 1383 ذهب الدكتور أنور المفتي إلى عيادته كما تعود، وانتهى من عمله المعتاد بها، ثم عاد إلى بيته مع هطول ساعات الليل الأولى.

وأخبر زوجته بأنه يريد أن يخلد إلى النوم لبعض الوقت، وطلب منها أن توقظه حين يحين وقت السحور، ليتناول طعامه وينوي الصيام، بعد دخوله إلى غرفته بوقت يسير وصل إلى مسامع الزوجة صوت شخير غير معتاد يصدر عنه، هرعت إلى الغرفة، وفتحتها عليه، وجدته يجود بأنفاسه الأخيرة، ويسلم روحه إلى بارئها.

كلنا يعلم أن الوفاة في رمضان تحمل لدى المصريين دلالة خاصة، وقد توفي الدكتور أنور المفتي أول أيام رمضان من عام 1383، والمصريون يحفظون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه بأن رمضان شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

وقد توفي "المفتي" في الأيام التي ينتمي إليها، أيام الرحمة، وهو المعنى الذي ارتسمت حوله صورة الطبيب الإنسان الذي يشفق على البسطاء، ولا يبخل عليهم بعلمه أو خبرته المهنية، بل ولا حتى بماله، إذ لم يكن الكريم يتوانى عن أن ينفق على المريض من جيبه حتى يخفف عنه الألم، الرجل الذي تعامل مع جميع من حوله برحمة، شاء الله أن يموت في أيام الرحمة، دون أن يسمع أحد أنه يشكو من مرض أو تعب.

في سياق هذا الزخم كان من الطبيعي أن يتساءل البعض كيف مات؟ خصوصاً هؤلاء الذين كانوا معه قبل ساعات من إعلان الخبر، ورأوه بكامل صحته ولياقته.

إنه سؤال دافعه الصدمة، لكنه يبدو غير واقعي وغير عقلاني، لأنهم جميعاً يعلمون أن لكل أجل كتاب، والمصريون يرددون دائماً أن "الموت لا يحتاج مرض.. والحياة لا تحتاج صحة".

وأياً كانت الأسباب يبقى الموت واحد: "تعددت الأسباب والموت واحد".

توفي الدكتور أنور المفتي بعد أن أفنى عمره في خدمة مرضاه، وشيعت جنازته من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير.

ينقل لمعي المطيعي عن الدكتور مصطفى الديواني قوله: "وقفت مع الألوف المؤلفة عند باب مسجد عمر مكرم أنتظر لحظة خروج النعش الغالي، ونزل به أحباؤه الذين حملوه درجات السلم في هدوء وانكسار".. شيعت الجنازة خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، وامتزج الشجن الرمضاني بالحزن الكبير على الطبيب الإنسان الذي ملأ الدنيا علماً وعطاءاً ورحمة، والأرجح أن ألسنة المشاركين في تشييع الرجل لم تتوقف عن طرح السؤال المعتاد في كل الجنازات: "هو المرحوم مات إزاي؟" وتطوع من يعلم ومن لا يعلم بالإجابة، والله وحده كان يعلم كيف مات الرجل.. وأياً كان السبب فقد خسرت مصر بوفاته طبيباً عبقرياً، بل ونموذجاً للأطباء، يندر أن يتكرر، رحمه الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأول من رمضان الأول من رمضان



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon