توقيت القاهرة المحلي 17:17:36 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأول من رمضان

  مصر اليوم -

الأول من رمضان

بقلم - د. محمود خليل

هل كان لطبيعة اليوم الذي توفي فيه الدكتور أنور المفتي رحمه الله دور في الشائعات التي راجت حول وفاته؟

في يوم الخميس 16 يناير 1964 الموافق 1 رمضان 1383 ذهب الدكتور أنور المفتي إلى عيادته كما تعود، وانتهى من عمله المعتاد بها، ثم عاد إلى بيته مع هطول ساعات الليل الأولى.

وأخبر زوجته بأنه يريد أن يخلد إلى النوم لبعض الوقت، وطلب منها أن توقظه حين يحين وقت السحور، ليتناول طعامه وينوي الصيام، بعد دخوله إلى غرفته بوقت يسير وصل إلى مسامع الزوجة صوت شخير غير معتاد يصدر عنه، هرعت إلى الغرفة، وفتحتها عليه، وجدته يجود بأنفاسه الأخيرة، ويسلم روحه إلى بارئها.

كلنا يعلم أن الوفاة في رمضان تحمل لدى المصريين دلالة خاصة، وقد توفي الدكتور أنور المفتي أول أيام رمضان من عام 1383، والمصريون يحفظون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه بأن رمضان شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

وقد توفي "المفتي" في الأيام التي ينتمي إليها، أيام الرحمة، وهو المعنى الذي ارتسمت حوله صورة الطبيب الإنسان الذي يشفق على البسطاء، ولا يبخل عليهم بعلمه أو خبرته المهنية، بل ولا حتى بماله، إذ لم يكن الكريم يتوانى عن أن ينفق على المريض من جيبه حتى يخفف عنه الألم، الرجل الذي تعامل مع جميع من حوله برحمة، شاء الله أن يموت في أيام الرحمة، دون أن يسمع أحد أنه يشكو من مرض أو تعب.

في سياق هذا الزخم كان من الطبيعي أن يتساءل البعض كيف مات؟ خصوصاً هؤلاء الذين كانوا معه قبل ساعات من إعلان الخبر، ورأوه بكامل صحته ولياقته.

إنه سؤال دافعه الصدمة، لكنه يبدو غير واقعي وغير عقلاني، لأنهم جميعاً يعلمون أن لكل أجل كتاب، والمصريون يرددون دائماً أن "الموت لا يحتاج مرض.. والحياة لا تحتاج صحة".

وأياً كانت الأسباب يبقى الموت واحد: "تعددت الأسباب والموت واحد".

توفي الدكتور أنور المفتي بعد أن أفنى عمره في خدمة مرضاه، وشيعت جنازته من مسجد عمر مكرم بميدان التحرير.

ينقل لمعي المطيعي عن الدكتور مصطفى الديواني قوله: "وقفت مع الألوف المؤلفة عند باب مسجد عمر مكرم أنتظر لحظة خروج النعش الغالي، ونزل به أحباؤه الذين حملوه درجات السلم في هدوء وانكسار".. شيعت الجنازة خلال الأيام الأولى من شهر رمضان، وامتزج الشجن الرمضاني بالحزن الكبير على الطبيب الإنسان الذي ملأ الدنيا علماً وعطاءاً ورحمة، والأرجح أن ألسنة المشاركين في تشييع الرجل لم تتوقف عن طرح السؤال المعتاد في كل الجنازات: "هو المرحوم مات إزاي؟" وتطوع من يعلم ومن لا يعلم بالإجابة، والله وحده كان يعلم كيف مات الرجل.. وأياً كان السبب فقد خسرت مصر بوفاته طبيباً عبقرياً، بل ونموذجاً للأطباء، يندر أن يتكرر، رحمه الله.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأول من رمضان الأول من رمضان



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon