توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

100 سنة.. نفسنة

  مصر اليوم -

100 سنة نفسنة

بقلم - د. محمود خليل

مجموعة من الحكايات قصها علينا شاعر الأطلال «إبراهيم ناجى» فى كتابه «أدركنى يا دكتور»، وهى فى المجمل تصف أحوال الطب فى مصر، بطرفى معادلته «الطبيب والمريض»، بدءاً من عشرينات القرن الماضى حتى الخمسينات، يعنى بعضها يحكى لك أحوال الطب فى مصر من 100 سنة، أى قرن كامل من الزمان.

استوقفنى فى هذه الحكايات ما قاله أحد الأطباء من أصدقاء إبراهيم ناجى، تخصصه «التحليل النفسى»، وهو يصف المصريين، إذ زعم أن 50% منهم يعانون المرض النفسى، ويحتاجون إلى علاج، وأردف: «إن نصف المصريين يشكون من الكبت، والنصف الثانى لا يشكو من شىء مطلقاً. نصف مرهف الحس جداً، ونصف استحال الحس عنده إلى مادة».

مؤكد أن الصديق، الذى نقل عنه الشاعر إبراهيم ناجى هذا الكلام، اعتمد على التخمين فى وصف الحالة النفسية للمصريين. فلا أظن أن إحصاءات كانت تتوافر فى ذلك الوقت حول نسبة المرض النفسى بين المصريين، لكن يبقى أن التوزيعة التى «نصص» عليها المصريون لا تخلو من وجاهة. فنصف المصريين -من وجهة نظره- يشكون الكبت (الكبت أحد الأمراض النفسية)، وهذا النصف يمتاز برهافة الحس، فى مقابل نصف لا يشكو مطلقاً (قد يكون ذلك أيضاً شكلاً من أشكال المرض النفسى) لأنه يملك جلداً سميكاً يجعله لا يحس أو يشعر.

يبدو أن فكرة انتشارية الأمراض النفسية بيننا كمصريين قديمة وأبعد زمناً مما نسمعه أو سمعناه، مثل الحديث عن أن 25% من المصريين يعانون من أمراض نفسية. الفارق بين الآن وزمان تجده فى نوع الأمراض النفسية الشائعة. فـ«صديق الشاعر» يتحدث عن أن الكبت هو أكثر الأمراض الشائعة بين المصريين منذ 100 سنة، فى حين تشير التقارير حالياً إلى أن الاكتئاب هو المرض الأكثر شيوعاً بين المصريين، يضاف إليه القلق والخوف.

الواضح أننا كشعب نعانى من الأزمات النفسية أكثر من غيرنا من شعوب العالم، فمتوسط نسبة انتشار الأمراض النفسية بين شعوب العالم المختلفة تصل إلى 10% فقط، وهى نسبة أقل بكثير من النسبة لدينا، سواءً فى الماضى أم فى الحاضر. فنسبة لا بأس بها من المصريين غير متكيفين مع الواقع الذى يحيون فى ظلاله، مما يؤدى إلى اكتئابهم، تماماً مثلما كان «الكبت» يؤدى إلى الاكتئاب. وتفسير صديق الشاعر «إبراهيم ناجى» لذلك تجده فى حديثه عن رهافة وانعدام الإحساس. فالذين يحسون ويشعرون يسهل أن يقعوا فى فخ الاكتئاب، وكأن الإحساس والشعور ابتلاء، أما المتبلدون أصحاب الجلد السميك ممن تعطلت آلة الشعور والإحساس لديهم فإنهم أسعد حالاً من غيرهم، وهم ناجون من المرض النفسى.

قد تكون واحدة من حقائق الحياة تلك التى تقول إن معدوم الإحساس لا يعانى مثل صاحب الإحساس.. وقديماً كان الشاعر يقول: «ذو العقل يشقى فى النعيم بعقله.. وأخو الجهالة فى الشقاوة يسعد»، لكن يبقى أن أصحاب الإحساس هم العنوان الأكثر احتراماً للإنسانية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

100 سنة نفسنة 100 سنة نفسنة



GMT 14:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تركيا في الامتحان السوري... كقوة اعتدال

GMT 14:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الجديدة؟

GMT 14:06 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سيناء فى عين الإعصار الإقليمى

GMT 14:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

تنظير في الاقتصاد بلا نتائج!

GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon