توقيت القاهرة المحلي 20:20:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«باش جراح» المحروسة

  مصر اليوم -

«باش جراح» المحروسة

بقلم - محمود خليل

 

الخطط التعليمية فى مصر أوائل القرن التاسع عشر كانت ترتكز على البعثات كأداة أساسية لإنتاج الكوادر المهنية القادرة على التأسيس والارتقاء بالمهن المختلفة فى مصر، وعلى رأسها بالطبع مهنة الطب، وانطلاقاً من ذلك سافر محمد على الحكيم فى بعثة لتعلم الطب فى فرنسا. وكان اختيار طلاب البعثات فى ذلك الوقت يتم طبقاً لمعايير دقيقة، وتقدم لهم الدولة راتباً شهرياً، تحدد فى 150 قرشاً، كان «الحكيم» يعطى 50 قرشاً منها لوالدته، ويستبقى 100 قرش لنفسه.. ويمنحك هذا التصرف مؤشراً على الوضع الاقتصادى للأسرة التى خرج منها «الحكيم»، فلم تكن بالثراء الذى يساعدها على الاستغناء عن مساعدته، بل كانت تستثمر فيه حين وجهته إلى التعليم، وتأملت أن يشق لهم هذا الفتى طريقاً يسلكونه ليصبحوا من الأسر الأكثر ارتكازاً على مستوى الوضعين الاجتماعى والاقتصادى.

مكث محمد على الحكيم يدرس فى مدرسة الطب بباريس، وأثبت تفوقاً ملحوظاً فى الدراسة، وخاض العديد من الامتحانات الشفوية ونجح فيها بتفوق، ولم يتبقَّ له إلا أن يقدم «رسالة» فى أحد أفرع الطب، تتناول أحد الأمراض الشائعة فى مصر، حتى يحصل على الدرجة العلمية المؤهلة له لكى يكون طبيباً مرموقاً، وهنا حدث ما لم يكن فى الحسبان، فقد وردت المكاتيب من مصر المحروسة له ولطلاب البعثة بالعودة فوراً إلى مصر، فعاد «الحكيم» يجر أذيال الخيبة والإحباط مع زملائه، ليكتشفوا فى مصر أن المخاطبة التى طالبتهم بالعودة صدرت بدون علم الوالى محمد على، وأن البيروقراطية المصرية العتيدة التى تحسبها بالنكلة والسحتوت هى السبب فى أمرهم بالعودة. تم تصحيح الموقف بتوجيهات من محمد على فعادت البعثة من جديد، واستكمل محمد على الحكيم مشواره.

كانت الرسالة التى أعدها محمد على الحكيم حول «الرمد الصديدى فى مصر» -كما يشير جرجى زيدان فى كتابه «تراجم مشاهير الشرق فى القرن التاسع عشر»- من الكفاءة بحيث أثارت إعجاب أساتذته الفرنسيين، ووصلت أخبار تفوقه وإعجاب الفرنسيين به إلى مصر، ما مكنه بمجرد العودة إليها -عام 1838- إلى أن يصبح «باش جراح» وأستاذاً للعمليات الجراحية الكبرى والصغرى والتشريح الجراحى. وقد كان مرض الرمد الصديدى من أكثر الأمراض شيوعاً بمصر فى ذلك الوقت وكان سبباً فى إصابة الكثيرين بالعمى.

أنعم الوالى على محمد على الحكيم برتبة «صاغقول أغاسى»، وهى رتبة رائد، ورُقى بعدها إلى رتبة بكباشى (مقدم)، وكان أى مهنى فى ذلك الوقت يبلغ مبلغاً معيناً من العلم يكافأ برتبة فى جيش الوالى، يتحدد على أساسها راتبه ومكتسباته. وقد بلغ محمد على البقلى الملقب بـ«الحكيم» بعد ذلك رتبة أمير ألاى (عميد)، وفاز بالعديد من المناصب والنياشين الرفيعة تقديراً لجهوده فى خدمة المرضى والعمل الطبى فى مصر، ورغم النجاحات التى حققها عبر رحلته والتى نقلته ونقلت أسرته نقلة كبيرة على المستويين الاجتماعى والاقتصادى، فإن هذه الرحلة لم تخلُ من العديد من الأحداث الدرامية المثيرة، خصوصاً فى علاقته بحكام الدولة العلوية.. وكان أكثرها إثارة حادثة وفاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«باش جراح» المحروسة «باش جراح» المحروسة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:20 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
  مصر اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon