بقلم - محمود خليل
خرج وزير الدفاع الإسرائيلي بتصريح يؤشر إلى مرحلة متقدمة من مراحل الانفلات العصبي، قال فيه أنه سيتعامل مع الغزاويين مثلما يتعامل مع المخلوقات غير الآدمية، وسيحرمهم من الماء والكهرباء والغاز والانترنت والتليفونات. البعض فسر ذلك في سياق صدمة الوزير مما حدث يوم 7 أكتوبر ومابعده، لكن ظني أن المسألة ليست كذلك، فالصدمة لم تكن أكثر من سياق هيأ له إظهار ما يسكن في صدره نحو بشر لهم مثل غيرهم الحق في الحياة، بشر سلبت منهم أرضهم، ليعيش عليها آخرون، ولا يجدون، عند الدفاع عن حقهم السليب، سوى حمم الطائرات.يظن صانع القرار في تل أبيب أن خنق أهل غزة داخل مدينتهم هو الحل، متناسين أن أهل المدينة يعيشون منذ سنين تحت حصار محكم، ولولا الدور الذي تقوم به مصر في فك الحصار عنهم لتضاعف حجم معاناتهم. هذه المرة يريد الإسرائيلي حصار…[٧:١٢ م، ٢٠٢٣/١٠/٢١] ميسر موقع: د/محمود خليلالسبت 21 أكتوبر 2023 11:46الزمن المقبل
منذ زرع إسرائيل في المنطقة العربية عام 1948 وهي لا تعرف منطقاً سوى العدوان والتوسع.. أما العرب فلا يعرفون معها سوى السلام الذي يفتقر إلى العدل!. منذ العام 1948 عربدت إسرائيل في المنطقة وتوسعت واحتلت بمرور السنين المزيد من الأراضي وصلت إلى أقصاها بعد نكسة يونيو 1967. في كل عدوان كانت إسرائيل تتوسع على حساب الأراضي العربية، حتى تمكن المصريون والسوريون من تحقيق أول نصر عليها في حرب أكتوبر 1973.بعد الحرب بدأت رحلة السلام التي انتهت بتوقيع اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، ثم بدأت الدول العربية تتدفق واحدة بعد الأخرى، حتى عقد الفلسطينيون أنفسهم اتفاق مع إسرائيل في أوسلو 1993.أدت إسرائيل في مرحلة السلام بنفس المنطق الذي أدت به في مرحلة الحرب، لم تجد ما يمكن أن تقنصه إلا وفعلت، لم تعلم أن مصلحتها في الحرب والعدوان من جديد وترددت، أخذت أكثر بكثير جداً مما أعطت، وجدت الكل رغم أدائها العدواني واللاسلامي يخطب ودها، ويتجه إلى التطبيع معها، أو يسير في طريق التطبيع معها. يربط مسألة التطبيع بحل المشكلة الفلسطينية على أساس الدولتين في البداية، ثم ينسى الأمر في النهاية ويذهب ويطبع.ينسى الكثيرون أن استرداد مصر لأرض سيناء بعد اتفاقية السلام جاء كثمن طبيعي للنصر الذي حققه المصريون في أكتوبر، فلولا الحرب ما كان السلام، لان إسرائيل لا تعرف إلا العين الحمراء.طريق وحيد تؤكد التجربة البشرية فعاليته في نيل الحقوق، هو طريق المقاومة، إنه أقصر مسافة بين الغطرسة والرضاء بالأمر الواقع. ذلك ما آمن به الفلسطينيون منذ فترة وترجموه عملياً يوم السبت 7 أكتوبر الحالي. لقد تمكنوا من إحداث زلزال مدو ليس على مستوى إسرائيل وفقط، بل على مستوى العرب، والعالم.لأول مرة تدير المقاومة معارك على الأرض داخل الأراضي المحتلة وتقتل وتجرح وتأسر، وتذل الكبرياء الإسرائيلي في مشاهد مدوية، أبصرها العالم كله بدهشة وانبهار، بما في ذلك العرب، كثيرون منهم لم يصدقوا ما يشاهدونه أو يسمعونه، في إحساس تشابه مع إحساس من عاصروا نصر أكتوبر 1973 وهم يشاهدون صور الأسرى الإسرائيليين على صفحات الجرائد وعلى شاشات التليفزيون.المقاومة وضعت نقطة النهاية في حقبة، وسوف تبدأ حقبة جديدة. إسرائيل والمنطقة العربية والعالم قبل 7 أكتوبر غيرها بعد هذا التاريخ.. الفلسطينيون أنفسهم قبل هذا التاريخ غيرهم بعده.. يكفي أن تفكر في تأثير صمودهم الشجاع على مسارات الصراع المستقبلية.. هل يمكن أن يعود الفلسطينيون بعد أن تذوقوا في لحظة عبقرية طعم استرداد الأرض أن يعودوا كما كانوا؟.. في المقابل هل يمكن أن تعود النفسية الإسرائيلية كما هي بعد أن ذاقت معنى الاجتياح الذي أذاقوه للفلسطينيين خلال عقود متصلة من الزمان؟خاسر هو من يتوقف عن المقاومة خلال الزمن المقبل.