توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المفكر والزعيم

  مصر اليوم -

المفكر والزعيم

بقلم - د. محمود خليل

المفكر هو الراحل خالد محمد خالد.. والزعيم هو الرئيس جمال عبد الناصر، رحمهما الله. دعا "ناصر" المفكر الشهير إلى لقاء يجمعهما بمنزله عام 1956، قضايا عديدة أثارها "خالد" أمام الرئيس، كان أخطرها "قضية الديمقراطية".

عبد الناصر كان يعلم أن "خالداً" من أشد المؤمنين بالديمقراطية والمنادين بها، وقد أصدر خلال السنوات الأولى لحركة الضباط (يوليو 1952) كتابه "الديمقراطية أبداً".

وقبل اللقاء بأيام كتب خالد محمد خالد مقالاً بجريدة "الجمهورية" يعلق فيه على دستور 1956، واتهم واضعيه بنفي فكرة التعددية، وتبني فكرة التنظيم السياسي الأوحد، والمتمثل حينذاك في "الاتحاد القومي"، وأكد أن الديمقراطية هي نقطة البداية لبناء دولة قوية بشكل حقيقي، وأن التعددية الحزبية، وحرية الرأي والفكر والنشر، تمثل الأسس التي يرتكز عليها أي نظام يريد الاستمرار.

لم يعجب هذا الكلام الرئيس السادات -المشرف حينئذ على الجريدة- فراجع عبد الناصر في نشره، فوافق الأخير، ورفض مطلب "السادات" بحذف بعض عبارات منه.

ربما يكون "عبد الناصر" قد قرر خلال هذه المكالمة أن يلتقي خالد محمد خالد، وبدأ التحضير للمقابلة بالإصرار على ترك المقال كما هو، وكان أول ما سأل المفكر عنه بداية اللقاء: إن كان قد حذفت أي عبارة من المقال؟، وأكد "خالد" أن شيئاً من هذا القبيل لم يحدث.

كان عبد الناصر ذكياً في جعل هذه النقطة منطلقاً لحديثه مع المفكر حول الديمقراطية. فقد أثبت له أنه ديمقراطي (على الأقل معه)، ولم يوافق "السادات" على استبعاد مقاله، بعدها انتقل إلى التأكيد المباشر على إيمانه بالديمقراطية، وأن مجلس قيادة الثورة هو الذي أجبره على بناء سلطته على فكرتي التنظيم السياسي الواحد والرجل الواحد، وعندما وجد الأعضاء مصرين على ذلك قدم استقالته من المجلس، فحضروا إليه في بيته وأجبروه على سحب الاستقالة.

وكانت حجتهم في ذلك أنه إذا كان يؤمن بالديمقراطية حقاً فعليه أن يمتثل لرأيهم لأنهم أغلبية تصل إلى حد الإجماع، ما يعني أن نزول عبد الناصر على رأيهم بقبول فكرة الرجل الأوحد والتنظيم الأوحد هو قمة الديمقراطية.. شوف الأكادة!.

يقول خالد محمد خالد في كتابه "قصتي مع الحياة": "لست أدري لماذا انتابني إحساس ضاغط وأنا أصغي لحديث الرئيس أن هذا الموقف وهذه الاستقالة كانت مناورة ذكية أعدها عبد الناصر ليستخدمها فيما بعد عندما يدعو إلى استخدامها داع".

يحكي المفكر أن عبد الناصر آمن بأن بقاءه ضمانة للديمقراطية، في حين أن انسحابه لن يحقق هذا الضمان.. هكذا قال الرئيس لخالد محمد خالد، أحد كبار المنادين بالديمقراطية والمؤمنين بها، ووصل اللقاء إلى اللحظة الحاسمة حين اتهم عبد الناصر المفكر وأمثاله بالاستعجال في طلب الديمقراطية، وأن الوقت مع مجلس قيادة الثورة حتى ولو كان عقدين من الزمان، وختم ناصر كلامه قائلاً: "لما الثورة تثبت أقدامها وتنتهي من أعدائها نبقى نعمل الديمقراطية اللي انت عاوزها".

عند هذه اللحظة أدرك المفكر الصمت وأخذ يتأمل في مآلات الأمور.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفكر والزعيم المفكر والزعيم



GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... من سيكتب الدستور؟

GMT 10:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

اكتب أنت يا عندليب!

GMT 10:00 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أُهدى جائزتى.. إلى جريدتى

GMT 09:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الزمن الإسرائيلى

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon