توقيت القاهرة المحلي 13:08:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رجل عرف طريقه

  مصر اليوم -

رجل عرف طريقه

بقلم - د. محمود خليل

تقدم شخصية "ذي القرنين" نموذجاً قرآنياً آخر على الشخصية المقاتلة. فبداية يقرر القرآن وهو يقص علينا قصته أننا بصدد شخصية استثنائية، تمتلك في تركيبتها ما لا يملكه غيرها: "إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شىء سببا فأتبع سببا"، فهي شخصية واعية إيمانياً، ومدركة أن التمكين في الأرض بيد الله ابتداء، لكنها أيضاً تفهم ضرورة الأخذ بالأسباب، وامتلاك الأدوات القادرة على تحقيق الأهداف، فكل هدف وله وسيلة، كما أن لكل شىء سبباً، وعلى الشخصية المقاتلة أن تتبع الأسباب حتى تصل إلى النتائج، وكذلك كان يفعل "ذو القرنين".

الشخصية المقاتلة كما حكيت لك، لا تعتمد على الشعارات أو التنظيرات الفارغة، بل على العلم والإدراك العميق للأسباب، وحسن بناء المقدمات للوصول إلى النتائج والأهداف المرجوة. الوعي بالأسباب هو ما يؤدي إلى إجادة تحديد الأهداف والتخطيط الناجح لتحقيقها.وحين بلغ "ذو القرنين" نقطة مغيب الشمس عاش اختبار الإرادة: "حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة ووجد عندها قوماً قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا". جماعة البشر الذين التقاهم "ذو القرنين" في هذا الموضع كانوا مثل كل الجماعات البشرية، فيهم الصالح وفيهم المفسد، فيهم المؤمن الراضي وفيهم الجبار في الأرض.

كان "ذو القرنين" من أصحاب الإرادة الواعية، وكان قراره حاسماً حين وجد نفسه أمام هذه المجموعة المتنوعة من البشر، فقرر أن يمد يد الإحسان إلى المؤمن ولو كان ضعيفاً، ويخفض جناحه له، شأنه شأن أي شخصية مقاتلة نبيلة، لا تمارس قوتها على الضعيف، بل تجعلها مظلة حماية له، أما من ظلم وتجبر وتكبر في الأرض فسيستخدم معه أدوات قوته، حتى يتعلم كل قوي أن هناك من هو أقوى منه، وأن الحول والقوة في النهابة من الله، صاحب الحول والقوة.. يقول الله تعالى: "قال أما من ظلم فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فيعذبه عذاباً نكرا وأما من آمن وعمل صالحا فله جزاء الحسنى وسنقول له من أمرنا يسرا".

تنبه الآية الكريمة إلى أن أصل الإيمان هو العمل الصالح، وليس مجرد ترديد الكلام الطيب باللسان، وصاحب العمل الصالح يجد في حالات ضعفه يداً قوية تمتد إليه بالحماية والرعاية، يمكنك الاستدلال على ذلك من الإشارة إلى الكيفية التي تخفض بها الشخصية المقاتلة جناحها للمستضعفين: "وسنقول له من أمرنا يسرا".

هذا التعاطف مع المستضعفين كسمة من سمات الشخصية المقاتلة ظهر تفصيلاً في شخصية "ذي القرنين"، حين مر على قوم يعيشون تهديداً يومياً من جانب قوة طاغية يجدون أنفسهم عاجزين عن مواجهتها: "قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا".

ويحمل وصف "يأجوج ومأجوج" دلالة رمزية إلى القوة القاهرة التي يعجز أمامها الضعاف، ولا يقوون على مواجهتها إلا حين تظهر بينهم شخصية مقاتلة، تقودهم في مواجهة حاسمة معها، تؤدي إلى القضاء عليها.إنها من جديد الشخصية المقاتلة التي تعرف الطريق إلى نصرة المستضعفين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رجل عرف طريقه رجل عرف طريقه



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon