توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مربع النجوم.. والدروشة

  مصر اليوم -

مربع النجوم والدروشة

بقلم - محمود خليل

 

الدروايش الذين يعيشون في مربع العوام "غلابة" يطمع الدرويش منهم في أكلة أو نفحة أو منحة من المال، ويقابلهم "الدراويش الكبار" الذين يعيشون داخل "مربع السلطة"، فوضع هؤلاء مختلف كل الاختلاف، فقربهم من صناع القرار يخلق لهم أدواراً عظيمة التأثير، خصوصاً إذا صادفوا صانع قرار يتفاءل بهم وبإشاراتهم حول المستقبل.

ولعلك تتفق معي أن المستقبل هو أكثر ما يؤرق ذوي الحظوة أو النفوذ، لأنهم يخشون من أن يأتي الغد بما يهز أوضاعهم الرخية الهنية المستقرة، كما تتعاظم أدوار "الدراويش" لدى السلطة التي تميل إلى توظيفهم لأداء أدوار لا يجيدها غيرهم.

الدرويش قد يصبح "فاسوخة" في بلاط الحكم، كما كان الحال في عصر المماليك ثم العثمانيين وما بعدهما، فقد كان الأمير أو الكبير من هؤلاء لا يسير إلا وبصحبته "الدرويش"، بل وأحياناً ما كان يرتب قراراته طبقاً لإشاراته، فإذا وجد "درويشه" سعيداً أصدر القرار، وإذا وجده منقبضاً أو مضطرباً أحجم عن القرار.

وأحياناً ما يقوم الدرويش بأدوار معينة لا يستطيع أن يقوم بها غيره، من ذلك على سبيل المثال الجلوس مع الأعداء على موائد المفاوضات.

فأحياناً ما يستعين الأمير أو الكبير بالدرويش ليذهب إلى الأعداء ويتفاوض معهم باسمه، وليست هناك مشكلة في أن يعرف أحد أنه يتفاوض مع عدوه ويجنح إلى السلم معه، لأن الذي ذهب وجلس هو "الدرويش"، وليس على الدرويش من حرج.

لعلك تذكر الدور الذي لعبه "حسن التهامي" في رحلة السلام (1977- 1979).

يقول صاحب كتاب "تراث العبيد" ولابد للدرويش من مصدر معلومات غيبي يخترق به حاجز الزمان فيخبر عن الغيب، وحاجز المكان فيخبر عن الأماكن التي لا يطولها مدى الرؤية وقد حل الأستاذ "حسن التهامي" هذه المشكلة باتصاله بالخضر عليه السلام، فهو يقف فجأة وهو بين أصدقائه أو مفاوضيه ليقول لشخص ما لا يراه أحد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

ومن المعروف أن الخضر عليه السلام أوتي العلم اللدني. وبهذه الطريقة استطاع حسن التهامي أن يلعب دوراً مشهوداً في مفاوضات السلام، وكان الرئيس الراحل أنور السادات يعتمد عليه في الكثير من المهام الأخرى التي ارتبطت بقرارات وأحداث مفصلية في تاريخ حكمه.

القلق من المستقبل أو عليه كثيراً ما يجعل الدراويش، الذين يتحركون بالقرب من مربع النجوم، أكثر نفوذاً وتأثيراً، فالقلق يجعل النجم من هؤلاء ضعيفاً أمام ما يقوله الدرويش، فهو خائف من تقلبات المستقبل، وطامع في أن يحقق فيه أكثر مما حققه في الماضي أو الحاضر، وأمام إحساسيّ الخوف والطمع تصبح نفسية النجم وكذا عقليته قابلتين للتأثر بما يقوله الدرويش، وتصديقه، والاجتهاد في تأويل كل ما يحدث له تبعاً للإشارات التي تضمنتها أقواله.

ستظل الدروشة جزءاً من ثقافة هذا المجتمع ما ظل محتفظاً بتراث الثقافة المملوكية، تلك الثقافة التي حملت قيماً كثيرة إيجابية، لكنها احتفظت في المقابل بقيم أخرى سلبية، لعل على رأسها "الدروشة" وممارساتها التي تغلغلت في "المربعات الشعبية"، كما تمكنت من "مربعات النجوم".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مربع النجوم والدروشة مربع النجوم والدروشة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon