توقيت القاهرة المحلي 06:46:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

موكب الضراعة

  مصر اليوم -

موكب الضراعة

بقلم - د. محمود خليل

مشاهد عديدة فى قصة نبى الله «يونس» تجسد لك معنى «الفرار إلى الله»، التى تحدثت عنها الآية الكريمة التى تقول: «فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّى لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ»، بل قل إن قصة «يونس» -عليه السلام- هى باختصار قصة الفرار إلى الله.

تعلم أن «يونس» خاصم أهله فى قرية «نينوى»، بعد أن ظل يدعوهم إلى الوحدانية دون أن يجد منهم أذناً مصغية، فتركهم وسار نحو شاطئ البحر يبحث عن باب للخروج من هذا الواقع الآثم الرافض أن يمتثل لأمر الله، ولم ينسَ قبل أن يتركهم أن يتوعدهم بعذاب الله الذى سيحيق بهم نتيجة عصيانهم.

لم تمضِ ساعات من عمر الزمن على فرار «يونس» من القرية المشركة حتى ظهرت فى الأفق علامات ما توعدهم به من عذاب الله. تبدل لون السماء، وعصفت الرياح، وتجمعت النذر فى الأفق تشير إلى عذاب الله القادم، هنالك تيقن أهل قرية «نينوى» أن عقاب الله سوف يقع بهم، فارتعبت قلوبهم، وتيقنوا من قدرة الخالق العظيم فهرعوا إليه بالتوبة والإنابة، وخرجوا يبتهلون ويتضرعون فى مشهد مشى فيه الناس والأنعام وكل ما يدب على الأرض داخل القرية، وهو متأرجح بين الخوف من بطش الله والرجاء فى رحمته وعفوه.

لبس أهل «نينوى» ملابس الرهبان الزاهدين فى الحياة، الملابس التى تشبه الأكفان، وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، وخرجوا من البيوت وتجمعوا فى الساحات من كل حدب وصوب، وأخذوا يصرخون ويجأرون لله، طالبين عفوه، راجين صفحه، متعشمين فى أن يغفر لهم جهلهم وحمقهم فى عدم طاعة «يونس» والإيمان بالواحد الأحد، علا صوتهم بالبكاء والنشيج حتى كاد يبلغ السماء السابعة، بكى الرجال والنساء، والبنون والبنات والأمهات، وجأرت الأنعام والدواب والمواشى، وثغت الغنم وحملانها، وكانت ساعة عظيمة هائلة.

ظل الركب الضارع إلى الله يسير ويقف، يسير ويقف، حتى خارت قوى الجميع فشرع الناس يسقطون على الأرض، وانهارت الإبل وصغارها، وخارت البقر وأولادها.

أمام مشهد التوبة هذا رقت السماء، فأمطرت رحماتها على المتألمين، وكشف الله تعالى عنهم العذاب بحوله وقوته، ورأفته ورحمته.. يقول الله تعالى: «فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْىِ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ».

فإذا تركنا أهل قرية «نينوى» وذهبنا إلى يونس عليه السلام، وكان قد امتطى ظهر سفينة انطلقت به فى عرض البحر، وعندها هبت عاصفة شديدة، وكان من الضرورة بمكان أن تتخفف السفينة من جزء من حمولتها، واستقر ركابها على إلقاء أحدهم فى البحر، واقترعوا على ذلك، فرست القرعة على يونس ثلاث مرات، فعلم أنه أمر الله، وأُلقى به فى البحر فابتلعه حوت عظيم، ومكث يونس يسبّح فى بطن الحوت بصوت ضعيف واهن، لكنه كان من الإيمان بحيث وصل إلى السماء: «وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِى الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ».

لقد انضم «يونس» رغماً عنه إلى موكب الضراعة والرجاء فى رحمة الله من العقاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موكب الضراعة موكب الضراعة



GMT 08:58 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

سبع ملاحظات على واقعة وسام شعيب

GMT 08:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

المالك والمستأجر.. بدائل متنوعة للحل

GMT 08:43 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان.. في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 08:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

أوهام مغلوطة عن سرطان الثدي

GMT 07:32 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 07:31 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 07:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 07:29 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لقاء أبوظبي والقضايا الصعبة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon