توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا لو عاد المسيح؟

  مصر اليوم -

ماذا لو عاد المسيح

بقلم - د. محمود خليل

فى كتابه «عبقرية المسيح» يطرح الكاتب الكبير عباس محمود العقاد هذا السؤال: ماذا لو عاد المسيح؟ وذلك عقب رحلة شيقة أبحر فيها عبر حياة المسيح، عليه السلام.

اقتبس «العقاد» السؤال من إحدى روايات الكاتب الروسى العظيم دستوفيسكى، يتخيل أحد أبطالها أن المسيح عاد إلى الأرض مرة ثانية فى زمن محاكم التفتيش فى الأندلس (إسبانيا حالياً)، فهرع إليه الحزانى والمستضعفون، فضمد جراحهم وواسى أحزانهم، وبينما هو كذلك، إذ برجال رئيس ديوان التفتيش يحيطون به، ويقبضون عليه ويسوقونه إلى ساحة المحكمة.

وقف المسيح أمام رئيس ديوان التفتيش، فسأله الأخير: لماذا جئت إلى هنا؟.. لماذا تعوقنا وتلقى فى طريقنا العثرات؟.. لقد كلفت الناس ما لا طاقة لهم به، كلفتهم حرية الضمير، ومهمة التمييز بين الخير والشر بأنفسهم، ويؤكد رئيس الديوان بعد ذلك أن هذا التكليف هو سر شقاء الناس، أما «ديوان التفتيش»، الذى بات يسيطر على الناس، فقد عرف مشكلتهم وشخّص داءهم، فأعفاهم من هذا التكليف، ووجههم إلى تنويم ضميرهم، وبات يختار بالنيابة عنهم، ولم يعد مطلوباً منهم إلا أن يسمعوا منه ويطيعوا.. فلماذا يعود المسيح من جديد ليحدِّث الناس بحديث الاختيار وحرية الضمير؟

رأى رئيس ديوان التفتيش أن الخير للناس أن يتنازلوا عن حقهم فى الاختيار، وأن ينوب عنهم غيرهم فى ذلك، وأن الأكثر راحة للإنسان أن يضع ضميره فى ثلاجة حتى يتجمد ويصبح عاجزاً عن تحريكه. فالناس لا تحب المسئولية التى تترتب على الحرية، وتريد أن تسلك فى الحياة بلا ضمير يؤنبها ويردعها ويقول لها فى لحظة إن هذا الطريق خطأ وعليهم التوقف عن السير فيه، وإن الطريق الصواب أحق بالسير فيه، ولو كان مفروشاً بالتعب والألم.. واختتم رئيس ديوان التفتيش حديثه قائلاً: «لماذا تريد من الإنسان أن يفتح عينيه من جديد وأن يتطلع إلى المعرفة وأن يختار لنفسه ما يشاء، وهو لا يعلم ما يشاء؟.. دع هذا الإنسان لنا وارجع من حيث أتيت، وإلا أسلمناك لهذا الإنسان غداً، وسلطناه عليك، وحاسبناك بآياتك، وأخذناك بمعجزاتك.. ولترين غداً هذا الشعب الذى لثم قدميك اليوم مقبلاً علينا مبتهلاً لنا أن نخلصه منك وأن ندينك كما ندين الضحايا من المعذبين والمحرقين».

يا لروعة «دستوفيسكى» إنه ببساطة يريد أن يقول إن المسيح، عليه السلام، يسكن قلب العبد المؤمن، وتجرى تعاليمه بداخله مجرى الدم من العروق، وتمسك الإنسان بهذه التعاليم هو ما يجعل المسيح يعود من جديد، أما تنازله طوعاً عن تعاليمه، وتخليه عن حقه فى الاختيار وحرية ضميره، فيعنى أنه قرر إخراج المسيح من قلبه، وأسلم روحه لمن يستعبدها ويسيطر عليها، ويلوثها، ويدفعها دفعاً إلى الهلاك.. وعندما ذكر رئيس ديوان التفتيش فى هذا الحوار المتخيل أن بإمكانه أن يسلم المسيح فى الغد لمن يلثمون قدميه اليوم، فيثورون عليه ويطالبون بمحاكمته، لم يكن بعيداً عن تلك الحقيقة.. فالنفس التى تثور على التعاليم هى نفس ثائرة ومتمردة على صاحب التعاليم ذاته.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو عاد المسيح ماذا لو عاد المسيح



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon