توقيت القاهرة المحلي 20:50:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الكفاحتجية» و«المتأرجزين»

  مصر اليوم -

«الكفاحتجية» و«المتأرجزين»

بقلم - د. محمود خليل

حين تتشابه مسارات ومحطات الرحلة يتشابه البشر.. فى الماضى كانت مسارات الرحلة ومحطاتها بين أغلب من يعيشون داخل «الكوميونتى السكنى» متقاربة، على الأقل بين أغلبهم، لكن المسألة اختلفت اليوم، فطريق الوصول إلى «ثمن السكن» فى مكان معين قد يكون طويلاً وشاقاً ومتعباً بالنسبة للبعض، وقد يكون سهلاً يسيراً معبداً بالنسبة لآخرين، قد يصل البعض إليه بعد كفاح يتواصل 15 أو 20 سنة، وقد يصل آخرون فى غمضة عين وكأنهم يملكون الفانوس السحرى، ولست أقصد بالكوميونتى هنا تلك التجمعات التى تضم المخمليين من البشر وفقط، بل أيضاً التجمعات التى تضم المتوسطين والمحدودين، و«كل يرغوت على قد دمه».

فى الماضى كان العائشون داخل الكوميونتى متناغمين فيما يبنهم إلى حد كبير، على عكس الحال الآن. فى التسعينات أرسل أحدهم رسالة إلى بريد إحدى الصحف لفّت حكايتها بر مصر من أوله إلى آخره.

حكى صاحب الرسالة، وكان من فئة المتوسطين، واقعة شاهد فيها شاباً يقف أمام سيارة مرسيدس صدمتها سيارة 128، وإلى جوار الشاب وقف أبوه يؤنبه على ما حاق بالسيارة المرسيدس من إصابات ويقول له: «انت ما ينفعش تركب سيارة مرسيدس زى ولاد الناس.. حلالك سيارة 128 زى ولاد الإيه».. فحوى هذه الرسالة كان موضوع ثرثرة وجدل فى قعدات المصريين، وكان الجميع يتندرون على تعليق الأب على سلوك ابنه الذى لا يليق بكميونتى المخمليين، وأن العقاب الذى يستحقه هو النفى لمجتمع المتوسطين، أو بعبارة أخرى النفى من نادى أصحاب المرسيدس إلى نادى الـ128.

كان الناس يستغربون من هذا التحول بالطبع، ولم يكن أى منهم يدرى أنه سيأتى حين من الدهر يظهر فيه نوادٍ أخرى تضم أصحاب الذهبيات والطائرات وغير ذلك. الأب فى الواقعة التى أحكى لك عنها كان جزءاً من كوميونتى متناغم على ثقافة معينة تدعمها أوضاع اقتصادية واجتماعية محددة، فكل أعضائه يقيمون اعتباراً للمال كأداة قوة، وللمقتنيات كمعبرات عن القدرة المالية، كما تتشابه رحلة أغلبهم فيما يتعلق بجمع المال وأوجه انفاقه.

الآن اختلفت الكثير من الأوضاع ولم يعد الكوميونتى أو التجمع السكنى تسوده مساحة التناغم التى كانت موجودة فى الماضى، بل ظهرت بداخله العديد من التشوهات الناتجة عن اختلاف مسارات ومحطات رحلة امتلاك ثمن الوحدة السكنية، ما بين «الكفاحتجية» والمتأرجزين أصحاب المكاسب السحرية، وقد حكيت لك بالأمس الرحلة التى خاضها عبدالحليم حافظ حتى انتقل للعيش فى شقة بالزمالك (حوالى 15 سنة)، وهى رحلة يختصرها البعض اليوم فى 15 دقيقة يتأرجز فيها بالسخف، ولست ألومهم على ذلك بالطبع، لأنهم يعملون فى ظل معادلة يحكمها الجمهور الذى يقبل على منتجهم.

فاللوم يقع على الجمهور حين يثرى أصحاب المحتوى المتأرجز وليس على منتجه.

أخشى أن أقول إن حالات التشوه التى بدأت تضرب أغلب التجمعات البشرية: السكنية والمهنية والفكرية وخلافه باتت تهدد واقعنا بمستقبل لا يعلمه إلا الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الكفاحتجية» و«المتأرجزين» «الكفاحتجية» و«المتأرجزين»



GMT 19:45 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

‫تكريم مصطفى الفقى‬

GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon