توقيت القاهرة المحلي 02:14:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأذان في «مالطة»

  مصر اليوم -

الأذان في «مالطة»

بقلم - محمود خليل

مؤكد أن المثل المصرى الشهير «بنؤذن فى مالطة» له أصل، شأنه شأن الأمثال المصرية العتيدة التى حفظناها عن الآباء والأجداد. ويردّد المصريون هذا المثل، تعبيراً عن اليأس من أن يكون لكلامهم أثر فى الواقع، فيذهب أدراج الريح، ولا يؤدى إلى تغيير ما ينادون بتغييره، تماماً مثل الإنسان الذى يُردّد الأذان فى جزيرة مالطة، وسط أناس لا يفهمون اللغة العربية، ولا يجدون معنى لما يقول، ولكن لماذا مالطة على وجه التحديد؟ فمدن كثيرة فى العالم لا تعرف العربية، مثل المدن الناطقة بالإنجليزية، أو الفرنسية أو غيرهما.

«مالطة» كما تعلم جمهورية تتكون من عدة جُزر، تطل على البحر المتوسط. وربما يكون المصريون قد سمعوا اسم «مالطة» لأول مرة فى الرسالة التى وجّهها نابليون إليهم، بعد مجيئه إلى مصر عام 1798، وزعم لهم فيها أنه مسلم مثلهم، يؤمن بالله ورسوله، وبالقرآن الكريم، وأنه مر فى طريقه على «مالطة»، وطرد منها كل من يزعمون أن الله تعالى طلب منهم مقاتلة المسلمين.

ربما لم يحفظ المصريون -فى أغلبهم- اسم «مالطة» حين سمعوه فى منشور نابليون، وربما تكون ذاكرة من حفظه قد طمسته بعد ذلك، إذ اختفت الكلمة من على خريطة تفكير المصريين طوال القرن التاسع عشر، إلا لمن كان يعرف الأسفار، أو التجارة، أو مهتماً بالمعرفة عن دول العالم، لكن الله أراد أن يكون اسم «مالطة» على لسان كل مواطن فى مصر فى لحظة تاريخية محدّدة، ارتبطت بثورة 1919.

يوم 8 مارس من عام 1919 ألقت سلطة الاحتلال الإنجليزى القبض على سعد باشا زغلول زعيم الوفد ورفاقه (محمد محمود، وحمد الباسل، وإسماعيل صدقى) فى مشهد يتشابه مع مشهد القبض على أحمد عرابى ورفيقيه عبدالعال حلمى وعلى فهمى. وفى اليوم التالى (الأحد 9 مارس) تم نقل «سعد» ورفاقه إلى بورسعيد، حيث أقلتهم باخرة إلى منفاهم فى «مالطة».

سرى خبر القبض على سعد زغلول ورفاقه بين المصريين، كما تسرى النار فى الهشيم، وتساءل أكثرهم: نفوه إلى أين؟ فأخذت الألسنة تُكرّر: إلى «مالطة» إلى «مالطة»، حتى حفظت الاسم، وربما يكون البعض قد سأل أين تقع على خريطة الدنيا؟ وكيف سيعيش فيها الزعيم، بعيداً عن أرضه وأبناء وطنه؟. أصبحت كلمة «مالطة» على لسان الصغير والكبير، الرجال والنساء، المتعلمين وغير المتعلمين، الريفيين والحضريين، وأصبحت أشهر من أى كلمة أخرى، وأرسخ فى الذهن من أن تُنسى.

ارتبطت كلمة «مالطة» بوضع الاحتلال فى مصر، وما عاناه المصريون بعد ثورة 1919 من تعنّت من جانب القصر، وإصرار من جانب الإنجليز على عدم الخروج الكامل من مصر، ومراوغة التيار الوطنى، مرة عبر تصريح 28 فبراير 1922، ومرة عبر اتفاقية 1936، دون أن تمنح مصر استقلالاً حقيقياً.

كافح سعد زغلول ومن بعده النحاس باشا، والتيارات الوطنية الأخرى، كفاحاً مريراً من أجل إخراج الإنجليز من مصر، لكن يبدو أن مرور السنوات الطوال دون تحقيق الهدف دفع بعضهم إلى الحديث عن أن المناداة بالتخلص من الإنجليز تشبه النداء إلى الصلاة أو الأذان فى مالطة، حيث تؤذن ولا يسمع أو يفهم كلامك أحد، وقد تأكدت هذه الحقيقة لديهم حين ظهر «أمين المالطى».. تُرى من يكون؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأذان في «مالطة» الأذان في «مالطة»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon