توقيت القاهرة المحلي 08:30:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خلفة «عبدالدايم»

  مصر اليوم -

خلفة «عبدالدايم»

بقلم - د. محمود خليل

المجتمع ساحر قديم، جعل من أشياء فضائل وجعل من أشياء رذائل.. هكذا وصف «محجوب عبدالدايم» المجتمع فى رواية «القاهرة الجديدة»، فهو يملك عصا سحرية يمس بها الأشياء فيحيلها إلى عكسها، حيث تمسى الفضيلة رذيلة، والرذيلة فضيلة، وليس يهم بعد ذلك ما يقوله الدين أو العقل أو العلم.. فسلطة المجتمع تغلب ما عداها. تعالوا ننظر إلى أمثلة على ذلك.

الله تعالى يطلب من الزوج إذا كره زوجته ألا يتركها كالمعلَّقة (فلا تذروها كالمعلقة).. ويحدث فى بعض الأحيان أن تجد زوجاً يغضب على زوجته فيقسم أن يتركها (مثل البيت الوقف).. الله تعالى منح المرأة حقها فى الميراث، لكن يحدث فى بعض البيئات أن تحرم الفتيات والسيدات من حقهن فى مال الأب أو الأم، بذريعة حماية الثروة العائلية من التسرب إلى الغرباء. نحن هنا أمام حالات يطغى فيها سلطان العرف على سلطان الدين.

ويحدث فى حالات أخرى أن تجد سلطان العرف يطغى على سلطان العقل.. على سبيل المثال زواج الشاب أو الفتاة فى هذه الأيام بات من الأعمال الإعجازية، فى ظل ارتفاع تكلفة العديد من كمالياته، وليس متطلباته الحقيقية التى يرتكز ويقوم عليها.

فى ظل ارتفاع أسعار الذهب.. بكم يشترى الشاب اليوم «الشبكة»؟.. وفى ظل ارتفاع أسعار تكلفة إقامة الأفراح.. كم تدفع الأسر من أجل إقامة فرح؟.. وهذه الكلفة التى تذهب إلى ما يسمى بـ«الرفايع» والتى تشتمل على ما يلزم وما لا يلزم، ما يفيد وما لا يفيد، بهدف الفشخرة الكاذبة، أنَّى للأسر أن تتحمل كمالياتها اليوم فى ظل ارتفاع أسعار كل شىء من الإبرة حتى أطقم الصينى وخلافه؟.

المجتمع مس بعصاه السحرية مجموعة من الممارسات فجعلها عرفاً قائماً لا يستطيع أحد أن يحيد عنه فى مسألة الزواج.. فالشبكة لا بد أن تكون بالشىء الفلانى.. والفرح لا بد أن يكون فى المكان العلانى وبالتكلفة الفلانية.. والرفايع لا بد أن تكون متخمة بالأطقم المتنوعة التى يمكن أن يمر عمر الزوجين وأولادهما دون أن يستخدمها أحد، لتصبح طعاماً للتراب.

فهل هذا الأداء يستقيم مع عقل؟.. وهل جعل الله تعالى الزواج مرهوناً بشىء غير القبول والصداق؟. مؤكد أن المجتمع له أحكامه وضغوطه التى يستجيب لها أفراده بمنتهى السهولة، وإذا حدثهم أحد بالعقل أو بما يقوله الدين، فإنهم يجعلون أذناً من طين وأذناً من عجين، لأن سطوة العرف عندهم أقوى من أى شىء.

يشاهد الكثيرون شخصية «محجوب عبدالدايم» فى فيلم «القاهرة 30» المأخوذ عن رواية «القاهرة الجديدة» فيشمئزون منه ومن نظريته، رغم أنها تشكل لدى بعضهم أساساً للحياة، نظرية «طظ» فى العقل والعلم والفلسفة وقيم الدين، والمجد لما يقبله المجتمع حتى ولو تناقض مع العقل أو العلم أو الفلسفة أو الدين. المجد لما يقبله المجتمع حتى ولو كان رذيلة من منظور العقل والعلم والدين.

محجوب «ابن» عبدالدايم لا يفنى ولا يستحدث من عدم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلفة «عبدالدايم» خلفة «عبدالدايم»



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon