توقيت القاهرة المحلي 21:29:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الضربة الموجعة

  مصر اليوم -

الضربة الموجعة

بقلم - محمود خليل

 

 

ضربة حقيقية موجعة قادرة على تعرية أى «قوة مزعومة»، ذلك ما أثبتته الضربة الأخيرة التى وجهتها المقاومة الفلسطينية إلى إسرائيل. فقد أدت إلى تعريتها وكشف واقع الحال بها. لا شىء فى هذه الحياة يحدث من فراغ أو فى فراغ، أو فجأة وعلى حين غرة، كل شىء وله مقدماته ومؤشراته. فثمة مجموعة من العوامل التى تؤدى إلى اهتزاز أية قوة مباهية بذاتها أياً كان حجم قدراتها، من بينها: الشعور بفائض القوة، والاستخفاف بالخصم، والثقة فى القدرة على العودة «الريمونتادا» فى أى وقت ومهما تعقدت الأمور، واللا مبالاة.

منذ نشأتها عام 1948، وهناك شعور يسيطر على إسرائيل بأنها أقوى دول المنطقة، بل إنها تتمتع بما يمكن أن نطلق عليه الشعور بـ«فائض القوة»، نتيجة دعم الغرب لها واتجاهه إلى تزويدها بأحدث الأسلحة والتكنولوجيا، وما يضمنه لها من تفوق «أدواتى» على العرب. غذّت التجربة هذا الشعور لدى الإسرائيليين، خصوصاً بعد أن وجدوا أنفسهم ينتصرون على العرب فى المعركة تلو الأخرى، كما حدث خلال الفترة من 48 إلى 67، وظنى أنهم لم يتعلموا من هزيمتهم المدوية فى أكتوبر 1973 كثيراً.

منذ مطلع الثمانينات -بعد توقيع اتفاقية السلام 1979- وحتى عهد قريب عربدت إسرائيل فى المنطقة، كما شاءت وكيف شاءت، دون أن يوقفها أحد، بل على العكس، كان الجميع يهرول نحوها بالسلام، ويطلب التفاوض معها، كل هذا غذّى -من جديد- إحساس صانع القرار فيها وكذا شعبها بـ«فائض القوة»، وقد كان من العجيب أن يتوافق قطاع من العرب على أن إسرائيل كذلك بالفعل، وأنها تتحكم مع الولايات المتحدة الأمريكية فى مصائر البلاد العربية، بما فى ذلك أدق المسائل التى تحكم هذه المصائر.

شعور إسرائيل بفائض القوة سهّل كثيراً من مهمة المقاومة الفلسطينية، ويسّر لها اختراقاً هائلاً لغلاف غزة يوم السبت 7 أكتوبر الجارى. المفاجأة كانت كبيرة أدارت رأس صانع القرار والمواطن العادى داخل إسرائيل، فقد ثبت للجميع أن القوة المدعاة لم تكن أكثر من قوة مزعومة، وأنها لا تعدو أن تشغل الفضاء أكثر مما تسيطر على الأرض. فمن السهل جداً على الإسرائيليين السيطرة على السماء بأحدث الطائرات التى تلقى بحمم الموت على المدنيين، مستخدمين فى ذلك أحدث أنواع التكنولوجيا، بإمكانهم أن يدمروا مرافق البنية الأساسية ويحرموا الناس منها، لكن وضعهم على الأرض يكشف القوة الحقيقية، قوة رجل فى مواجهة رجل.

الشعور بفائض القوة يضع صاحبه على الطريق السريع للترنح والتهاوى، ويصيبه بإحدى آفتين: آفة الاندفاع بسبب الشعور المتعاظم بامتلاك الأدوات، أو الآفة العكسية المتمثلة فى التلكؤ، والتى تدفع بصاحبها إلى التباطؤ فى الفعل، ثقة منه فى القدرة على السيطرة على المواقف، ناهيك عن افتقاده إلى القدرة على التفكير المتوازن الذى يفهم معه الإنسان أنه ليس وحده فى هذا العالم، وأنه مهما امتلك من معطيات قوة، فإن القوة الأكبر تبقى فى ذات الإنسان وإيمانه وثباته وصلابته.

مشكلة إسرائيل أن العرب علّموها عبر تجربتهم معها أن تنظر فى المنطقة فلا ترى إلا نفسها.. وهى تتعلم الآن درساً جديداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الضربة الموجعة الضربة الموجعة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:47 2020 الثلاثاء ,11 شباط / فبراير

ميسي وصيفا لـ محمد صلاح تسويقيا

GMT 16:55 2019 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السويد تعتقل عراقيا اتهمته بالتجسس لصالح إيران

GMT 06:05 2020 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

تعرّف على الفوائد الصحيّة لفيتامين "ك" ومصادره الطبيعية

GMT 05:39 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

حقيقة إصابة خالد الغندور بفيروس كورونا

GMT 07:44 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

سيفاس يفوز على دينيزليسبور بصعوبة في الدوري التركي

GMT 22:48 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تؤكد هشام نزيه موسيقار عبقري ويستحق التكريم

GMT 09:07 2018 الأربعاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

رجل يعتدي على فتاة بالضرب بسبب صفّ السيارات في تكساس
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon