توقيت القاهرة المحلي 17:00:34 آخر تحديث
  مصر اليوم -

محنة «برجوان»

  مصر اليوم -

محنة «برجوان»

بقلم - محمود خليل

كان الأمير برجوان بالنسبة للحاكم بأمر الله -الخليفة الفاطمى الثالث- بمثابة رئيس الوزراء، فهو المسئول الأول عن تدبير أمور القاهرة والمناطق المحيطة بها، تماماً مثلما كان جوهر الصقلى بالنسبة للمعز لدين الله الفاطمى.عاش «برجوان» حالة من حالات «طلب المستحيل»، فقد تمتّع بموقع مهم خلال خلافة «الحاكم»، وكان الأخير لا يبرم أمراً أو يتّخذ قراراً إلا بمشورته، وما أكثر ما كان يقفز فوق أذنيه، ويزين له قراراً معيناً فيتخذه، وينهاه عن آخر فيتراجع عنه.

اشتهر أمر سيطرة «برجوان» على «الحاكم» بين المصريين وتحدّثوا به، وكان الكلام يصل إلى «برجوان» فيسعد به، ويرى فى نفسه حاكماً فعلياً للبلاد، لأنه من يصنع القرار فيها، أما الخليفة فمجرد واجهة رسمية لا يملك فى يديه سلطة فعلية، وفى الوقت نفسه هو الذى يتحمّل المسئولية عن أى قرار تغضب منه الرعية.

سعد «برجوان» بلعبة الرجل الثانى الذى يملك السلطة ولا يواجه المسئولية، وعاش يطلب هذه المعادلة، وينشد مكاسبها وأرباحها، ولم يكن المسكين يعلم أنه يطلب مستحيلاً. فلا سلطة بدون مسئولية.. والقرب من الخليفة أو السلطان ليس من الأمور المأمونة بحال، وقد حذّر الإمام على من «السلطان ولو قربك»، فالقُرب منه لا يعنى الأمان من غدره، بل على العكس يضع الشخص فى قلب «مربع الغدر».

تمكن «برجوان» من تكوين ثروة هائلة نتيجة موقعه كمدبّر لأمر البلاد، وقربه المعلوم من الخليفة. يذكر «ابن إياس» فى كتابه «بدائع الزهور» أرقاماً مرعبة عن ثروة برجوان التى وصلت إلى 200 مليون دينار (ذهب)، و50 أردب من الفضة، وألف قميص حرير سكندرى، و12 صندوقاً، ضمنها جواهر وفصوص، وأوان وفرش لا يحصى.

الواضح أن «برجوان» كان يعيش عيشة مخملية من طراز رفيع، وأنه كنز من المال الكثير، ولم يكن يدرى أن مال «الكُنزى» مآله إلى «النُزهى» الذى كان يراقبه عن بُعد.

والخليفة «الحاكم بأمر الله» هو الذى كان يراقب «برجوان» عن بُعد، ويصله كلام الناس عن سيطرة وزيره على الدولة، وعليه فيشتعل قلبه بالغضب، وقد كانت تركيبته غضوباً غداراً لا يأمن لأحد، وهو ما لم يلتفت «برجوان» إليه، لأنه وثق فى أن الخليفة لا يستطيع الاستغناء عنه، وأنه سيواصل الأداء بالمعادلة المستحيلة التى ينعم فيها بـ«سلطة بدون مسئولية».

فى لحظة حسم.. فكر «الحاكم» فى الأمر وشعر بأنه كالمحجور عليه من جانب «برجوان»، وأن الأوان قد آن للتخلص منه، فخطط لاغتياله، وأوكل المهمة إلى شخص محترف، انتهز فرصة ذهاب برجوان إلى الحمام ذات يوم، فاغتاله هناك.بعدها بساعة تحرّكت الركائب إلى دار «برجوان» بالحارة التى يقبع فيها بيته، وأخذت تنقل حمول الذهب والفضة والمتاع والأثاث والفرش والدواب والجوارى.. وكله على «قصر الزمرد» مقر الحاكم بأمر الله.. وكأن «برجوان» كان يكنز المال ويدخره لصالح الخليفة.

العجيب أن أمر الخليفة «الحاكم» اختل بعد قتله «برجوان» طالب المستحيل، يقول «ابن إياس» نقلاً عن «الذهبى»: فلما مات برجوان، صار الحاكم يفعل أشياء لا تقع إلا من المجانين، الذين فى عقلهم خلل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

محنة «برجوان» محنة «برجوان»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon