توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كروان التلاوة

  مصر اليوم -

كروان التلاوة

بقلم - محمود خليل

المتأمل لسيرة حياة كروان تلاوة القرآن الكريم "الشيخ محمد رفعت" يستوقفه أول ما يستوقفه صوته العبقري المتفرد، الذي لم تعرف الأذن المسلمة مثيلاً له، من قبل أو من بعد، لكنه إذا أمعن السير فيها وتوغل في سطورها المباركة، فسيجد نفسه أمام "حالة قرآنية فريدة"، بالمعنى الكامل لهذه العبارة.

فقد قدّر الخالق العظيم للشيخ أن يعيش "عبداً قرآنياً"، يستغرق منذ صباه في آيات الذكر الحكيم، يتأمل معانيها، ويسكن كل معنى منها ذرات عقله ووجدانه، يذوب في إشاراتها لأحوال الإنسان في الدنيا والآخرة، فتصبح بالنسبة له معراجاً تصعد عليه روحه الطيبة المؤمنة إلى السموات العلا، وتسبح في أنوار قدسية، وهي تلهج بالآيات الكريمة، لتطير إلى تلاواته ومعها قلوب وعقول المستمعين.

أجاد الشيخ العيش في الحرف القرآني، فتدفق القرآن من قلبه إلى لسانه، شلالاً من المعاني الجليلة، التي ما إن تصافح أذن المستمع، حتى تلامس قلبه، وتستقر بين حناياه.

وعلاوة على تعبيره عن "حالة قرآنية فريدة"، يُمثّل الشيخ "رفعت" حالة مصرية فريدة أيضاً، فالرحلة العطرة التي عاشها بين دروب المحروسة، منذ مولده عام 1882 وحتى وفاته عام 1950، عكست في مراحلها ومحطاتها الكثير من التحولات السياسية الكبرى التي شهدتها مصر، خلال هذه الفترة، بدءاً من تداعيات الثورة العرابية، والاحتلال الانجليزي، ومروراً بنشأة الحركة الوطنية المصرية، على يد رموز المطالبة بالجلاء والدستور، مثل مصطفى كامل ومحمد فريد، وانتهاءاً بثورة 1919، وما ترتب عليها من نتائج أثّرت على مجمل المشهد السياسي في مصر.

كما عاش الشيخ أيضاً وتفاعل مع الحركة الفكرية والفنية الثرية التي شهدتها مصر طيلة النصف الأول من القرن العشرين.من هذين المنظورين "القرآني" و"المكاني/الزمني" الفريدين سوف نبحر -خلال الأيام القادمة- في رحلة حياة الشيخ محمد رفعت، منذ ميلاده وحتى وفاته، وذلك بالارتكاز على النظرية الأساسية التي حكمت تلاواته، "نظرية التلاوة بالمعنى".

فجماليات الصوت الأثير معلومة بالضرورة لكل من اهتموا بتحليل جوانب العبقرية والتفرد في صوته، ومحسوسة لدى كل مسلم استمع إلى القرآن الكريم بأدائه العذب.

ما يحتاج إلى المزيد من التحليل والاكتشاف -في تقديري- هي تلك القدرة على التعبير عن المعنى بالصوت، وتوظيف طبقاته وتلويناته في تبيان المعاني الجليلة التي تحملها الآيات القرآنية الكريمة، والاستفادة من القراءات المتنوعة للقرآن الكريم في خدمة المعنى.

ويتساند مع ذلك تحليل واكتشاف الدور الذي لعبته التجربة الحياتية والسياقات المكانية والزمنية والأسرية والإنسانية والصوفية، التي عاش الشيخ في ظلها وتأثر بها، في صقل الموهبة الربانية التي حباه الخالق العظيم بها.

كل إنسان يأتي إلى هذه الحياة ويرحل، يولد كما يولد الجميع، ويموت كما يموت كل حي.

الفارق بين شخص وآخر فيما يتركه من أثر في الحياة، وقد ترك الشيخ محمد رفعت أثراً لن يزول، عبر تلاواته القدسية للقرآن الكريم، كلمة الحق الخالدة أبداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كروان التلاوة كروان التلاوة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon