توقيت القاهرة المحلي 14:21:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من «المنابر» وإليها

  مصر اليوم -

من «المنابر» وإليها

بقلم - د. محمود خليل

من المنابر بدأت وإلى المنابر تعود.. أستطيع أن ألخص لك بهذه العبارة مآل التجربة الحزبية، التى تمددت خلال العقدين الأول والثانى من الألفية الجديدة. ولا توجد تجربة أتفه فى الحياة من التجارب الدائرية التى يبدأ فيها الإنسان من نقطة، ثم يظل يلف ويدور، حتى يرجع إليها من جديد.بدأت رحلة الأحزاب ما بعد 1952، حين قرر الرئيس السادات -عام 1977- تحويل المنابر الثلاثة التى كانت قائمة داخل الاتحاد الاشتراكى إلى أحزاب.

ونشأ الاتحاد الاشتراكى -التنظيم السياسى الأوحد- كبديل للأحزاب السياسية التى عرفتها مصر ما قبل 1952 التى أفسدت الحياة السياسية، تحولت المنابر الثلاثة (اليمين واليسار والوسط) إلى ثلاثة أحزاب، بعدها نشأت عدة أحزاب أخرى، طيلة العقود الثلاثة الممتدة من الثمانينات حتى العقد الأول من الألفينات، لتتضاعف أعدادها -التى بدأت بثلاثة- ليصل الإجمالى إلى ما يزيد على 80 حزباً.

لم يكن أغلب المصريين يعرفون من تلك الأحزاب سوى اسمين أو ثلاثة على الأكثر، ولم يكن لأى منها تأثير حقيقى فى الشارع، بما فى ذلك حزب السلطة الرسمى (الوطنى الديمقراطى)، وبسبب غياب التأثير الحزبى، بدأت تظهر منابر من نوع فريد أصبحت تلعب دوراً فى مناقشة الشأن العام، تمثلت فى برامج «التوك شو»، فمن خلال هذه البرامج التى تعددت وتنوعت على القنوات التليفزيونية المصرية، العامة والخاصة، توافرت منابر لمناقشة بعض القضايا، وأصبح محتواها متداخلاً فى تكوين الرأى العام أكثر من رؤى وأفكار الأحزاب، التى لا يعرفها أحد، بل وصنع مقدموها من أنفسهم -فى بعض الأحوال- زعماء سياسيين، فاقت شهرتهم رؤساء الأحزاب.

قد تتساءل: وما الضرر فى ذلك؟ وأجيبك: لا شىء سوى أن هذه البرامج كانت تعتمد على تسييل أخطر القضايا ولخبطة اتجاه الرأى العام حولها، تمهيداً لتتفيهها.

هل تذكر ذلك المشهد من فيلم «السفارة فى العمارة» الذى كان يجلس فيه «شريف خيرى» مع أصدقائه فى قعدة المزاج، يشاهدون مواجهة تليفزيونية حول التطبيع مع إسرائيل؟ يسمع كلام أحد الطرفين وهو يهاجم التطبيع فيعلق: «والله الراجل ده بيتكلم كلام زى الفل»، فيرد الآخر عليه بالنقيض، فيعلق التعليق نفسه ويقول: «والله الراجل ده بيتكلم كلام زى الفل»، ينزعج صديقه المسيّس بعدها من هذا الرغى، فيمسك بالريموت، وينتقل إلى محطة أخرى عليها فيديو كليب لفتاة تغنى وترقص، فيعلق شريف خيرى قائلاً: «والله الست دى بتتكلم كلام زى الفل».

الزحمة تدعم التفاهة وتفقد الأشياء قيمتها، فالبضاعة الكثيرة قليلة الجودة عادة ما ينعدم عليها الطلب، لتعود السلعة من حيث أتت. وقد عرّف «آلان دونو» فى كتابه «نظام التفاهة» التفاهة بأنها «غياب الجودة وشيوع الرداءة». وذلك ما حدث مع الأحزاب السياسية قبل 2011 وبعده أيضاً. يكفى أن أقول لك إن عدد الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة الآن -طبقاً لإحصائية على موقع الهيئة العامة للاستعلامات- يبلغ 87 حزباً.. أين هى؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «المنابر» وإليها من «المنابر» وإليها



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon