توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حديث الروح

  مصر اليوم -

حديث الروح

بقلم - د. محمود خليل

كلما مر العمر بالإنسان ما لت روحه إلى الإضاءة وجنح جسده إلى الخفوت.

واشتعال الجسد في الشباب قد يؤدي إلى مستوى ما من الخفوت في أنوار الروح.

العمر عامل مهم في معادلة الضعف والقوة التي تحكم ثنائية "الروح والجسد"، لكن يبقى أن الإيمان هو الوقود الذي تضىء به الروح، سواء في الشباب أو الشيخوخة.

فالشاب المؤمن -مثل الشيخ المؤمن- تضىء روحه حين يعمرها الإيمان بالخالق.

وقد قدم القرآن الكريم نموذجين لشابين أحدهما غلبته روحه المضيئة بالايمان، في مقابل آخر استسلم لشيطان جسده وغرور قوته، وذلك في الآية التي تحكي حكاية ابني آدم عليه السلام.. قال الله تعالى: "واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لأقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين".

بدا "قابيل" القاتل في هذا المشهد المرعب مدافعاً عن سلطان الجسد، فقرّب أردأ ما لديه من زرع، لأنه أراد أن يحتفظ بأفضل ما عنده لغذاء جسده.

وأراد أن يربح به الأخت الجميلة المحرمة عليه، في مشهد دفاعي جديد عن سلطان الجسد، في حين كان "هابيل" يشعل قنديل روحه بإيمانه بربه ورضاه بأقداره وقدره، فقرب إلى الله أفضل غنمه، وتقبلها الله منه، ورضي بحكم الله، وحينما فكر أخوه في قتله، لم يواجه العنف بالعنف، بل رفض أن يدافع عن جسده في مواجهة صاحب الجسد الحانق والروح الخافتة. وانتهى المشهد بمقتل "هابيل" على يد "قابيل".

تأمل مشهد آخر في القرآن الكريم لواحد من أصحاب الروح المضيئة، وهو نبي الله زكريا، وهو المشهد الذي بدأت به سورة "مريم".. "يقول الله تعالى: "ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداءا خفيا قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا".

كان "زكريا" قد قطع سنين طويلة في الحياة حالماً بولد يرث عنه النبوة والدفاع عن الوحدانية، لكن الله تعالى -لحكمة يعلمها- لم يمنحه ذلك.

فعلت السنون فعلها في "زكريا" فأوهنت عظامه، وأصبح شيخاً مضعضع الجسد يشتعل رأسه بالشيب، وتشتعل روحه بنور الرضا والثقة في الله تعالى.

ويبدو أن سراً ما كان يصل ما بين قلب زكريا العابد الراكع الساجد وربه سبحانه وتعالى.

يدلك على ذلك تلك الآية الكريمة التي تقول: "إذ نادى ربه نداءاً خفياً"، لقد حدث المولى عز وجل بروحه المضيئة، وطار ما يجول بخاطره من حُلم بالولد إلى الملأ الأعلى، فشكت الروح إلى الله حالة الوهن الذي ضرب الجسد والأمل الذي تتشبث به الروح المنتعشة بالإيمان والثقة في الله، ولأن ربك رب قلوب، فقد استمع إلى نداء روحه، وبشره بولده "يحيى".

لذلك كان طبيعياً أن يظل "زكريا" على طول الزمان نموذجاً لرحمة الله بعباده، حين يصنع لأرواحهم المؤمنة المعجزات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حديث الروح حديث الروح



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon