توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القرية الآمنة

  مصر اليوم -

القرية الآمنة

بقلم - د. محمود خليل

كلمة "قرية" في القرآن الكريم تعبر عن تجمع من الناس، يؤلف بينهم مكان، ويجمع بينهم فكرة أو رأي أو توجه معين. فالقرية تصور البشر حال اجتماعهم، فقد يجتمعون على ما ينفع ويطور ويدفع بأوضاعهم إلى الأمام، وقد يجتمعون على ما يضر بحياتهم وما يضلهم عن حقائق الأشياء.

وما أكثر القرى التي ضرب الله تعالى بها المثل على أحوال البشر وتقلباتهم، فمنها الآمن، ومنها الظالم، ومنها الضال المضل، ومنها من يدرك الحقيقة في اللحظة المناسبة، ومنها المتحايل، وهكذا.إذا بدأنا بالقرية الآمنة، فسنجد أن القرآن الكريم حدد لها مواصفات معينة، تستطيع أن تستخلصها من تأمل الآيات الكريمة التي تطرقت إلى الحديث عنها.

من ذلك الآية التي يقول الله تعالى فيها: "وضرب الله مثلاً قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان". في الآية عدد من المواصفات للقرية الآمنة.

أولها وأخطرها: سمة الحياة المطمئنة. ومعنى الاطمئنان كبير يتسع لكل ما يؤدي إلى استقرار الإنسان في حياته ومعيشته، والنظرة الهادئة المطمئنة إلى مستقبله ومستقبل أولاده. فالاطمئنان على المستقبل لا يقل أهمية عن الاطمئنان على الحاضر، والإنسان بحاجة إلى كليهما.

على سبيل المثال الشخص المطمئن على إمكانية الحصول على وظيفة تؤمن له عيشه إذا ترك وظيفة حالية يعمل فيها، يعيش مطمئناً، ويصعب أن يعتريه القلق على المستقبل، فتأمين سبل الحياة يمثل وقود الإحساس بالاطمئنان لدى الفرد والجماعة.

ثاني المواصفات التي حددها القرآن الكريم للقرية الآمنة: "الرزق الرغد"، ويعني الرزق السهل الذي لا يتطلب عنتاً أو تعباً كبيراً في الحصول عليه، وعكسه الرزق الضيق الذي يأتي بشق الأنفس، وطلوع الروح، وبالمنافسة المهلكة، والرزق الرغد أيضاً هو الذي يكفي صاحبه، ويغطي احتياجاته، ويفي بالتزاماته، مقابل الزرق الضيق الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

والمسألة لا تنطبق على الأفراد وفقط، بل تمتد إلى القرى والمدن وكافة التجمعات، فهناك مجتمعات يكون رزقها واسعاً، تغذيه ثروات حباها الله تعالى بها، وهناك مجتمعات أخرى تعاني الرزق الضيق.تأمل المشهد الذي تصفه الآية الكريمة التي تقول: "لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور". ها نحن أولاء أمام نموذج لمجتمع ينعم بالرزق الواسع الذي يتدفق على أهله من كافة الاتجاهات، فيأكلون ويحمدون ريهم على نعمته.

وعند هذا الموضع من الآية الكريمة تجد ثالث مواصفات القرية الآمنة والمتمثلة في "حمد الله".

أن يحمد الفرد أو المجموع الخالق العظيم. فذلك معناه ببساطة الوعي بنعمه وإدراك عطائه لهم، وليس المقصود بالحمد هنا أن يلهج اللسان بشكر الله، بل لابد من ترجمته في عطاء للآخرين، فالشكر عمل: "اعملوا آل داود شكرا".

وتشتمل الآية الكريمة أيضاً على رابع المواصفات التي تميز أهالي القرى الآمنة، والمتمثلة في الأمان الروحي الذي يتوازى مع الأمان المادي: "بلدة طيبة ورب غفور"، فالإيمان بالله أصل الطمأنينة في الدنيا، وجوهر الاطمئنان في الآخرة، فكيف يقلق من كان ربه غفوراً على دنيا أو آخرة؟

هكذا رسم القرآن الكريم خريطة القرية الآمنة التي تجمع ما بين أهلها خطوط الاستقرار، والرزق الواسع، وشكر الله بالعمل، والأمان الروحي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القرية الآمنة القرية الآمنة



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon