توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأنفار.. والسمسار

  مصر اليوم -

الأنفار والسمسار

بقلم - محمود خليل

 

توقف الدكتور سيد عويس فى مذكراته أمام «رجال السُلطة»، وهو يحكى عن أوجاع مصر خلال الأزمة المالية التى أنشبت مخالبها فى البلاد وفى العالم خلال فترة الثلاثينات من القرن الماضى. والسلطة هنا هى سلطة الاحتلال الإنجليزى، أما الرجال فهم هؤلاء الذين رضوا العمل فى خدمة الإنجليز وقواتهم، سواء داخل مصر أو خارجها.

كان وصف «الأنفار» هو الوصف المستخدم فى نعت من يقع عليهم الاختيار للعمل فى كنف السلطة الإنجليزية، ومن يتولى جمعهم بالطبع سمسار ذو قيمة ومقام، إذا أخذنا فى الاعتبار أن مقام العبد من مقام سيده.

وقد قدم الدكتور «سيد عويس» نموذجاً لواحد من هؤلاء السماسرة من خلال شخصية «إسماعيل عمران»، أحد أعيان قسم الخليفة -حيث عاش الكاتب الراحل- وكان مسئولاً عن تجنيد الشباب الذين يريدون العمل مع السلطة، وكان الواحد منهم يوقع استمارة التجنيد نظير مبلغ معين يأخذه «عمران»، الذى كان يأخذ من الجيش الإنجليزى أيضاً معلوماً عن كل نفر مجند.

ولم تكن مهمة هذا السمسار تتوقف عند هذا الحد، بل كثيراً ما كان يذهب إلى الأنفار فى مواقع عملهم داخل أو خارج مصر، ويلقى فيهم خطبه الحماسية العصماء التى تحفزهم على العمل فى خدمة السلطة!.. أما الأنفار أنفسهم فكانوا يذهبون مع الإنجليز «لابسين ملابس جنودهم» إلى الشام وأوروبا، وجميع المواقع الأخرى التى يتحرك إليها جنود الاحتلال.

ربح «الأنفار» كثيراً من العمل مع السلطة، ولم تكن المكاسب تتوقف عند فترة العمل وما يقبضه النفر، بل كانت تتواصل بعد ترك العمل، وذلك من خلال «التعويضات»، فأى نفر أصيب بمرض خلال فترة عمله مع الإنجليز كان يتقدم بطلب للعرض على لجنة، إذا أثبتت صدق شكواه نال تعويضاً مالياً مناسباً. يحكى «سيد عويس» أن النفر الذى قبض تعويضاً كان يسلك إحدى وجهتين؛ إما وجهة التجارة، أو وجهة الكيوف.

بعض الأنفار وجهوا التعويضات إلى شراء دكاكين أو افتتاح محال تجارية والعمل فيها، وهؤلاء كان حظهم عاثراً، حين صادفت تجاربهم التجارية الأزمة المالية العالمية، فـ«دلقوا فلوسهم على الأرض» فى بضاعة كانت تركد ولا تجد من يشتريها. وفى سياق حالة الضياع العام اتجه قسم من الأنفار من حائزى التعويضات إلى إنفاقها على الكيوف، من حشيش وكوكايين، وكان الشمامون يظهرون لأول مرة على مسرح الحياة فى مصر.

لم يكن لمال السلطة أثر إيجابى على الأنفار الذين انخرطوا فى العمل مع الإنجليز خلال الأزمة المالية العالمية، فأوضاع الاقتصاد حين تسوء تؤدى إلى شح المال لدى الغالبية، وإلى طيران المال من أيدى القلة التى تملكه.

وقد خسر الكثيرون المال الذى ربحوه من الخواجات خلال الأزمة الاقتصادية فى الثلاثينات، وربما كان هؤلاء أسعد حظاً من زملائهم الذين ماتوا فى الغربة، وهم يعملون -مع الإنجليز- خارج مصر، ودفنوا بعيداً عن التراب الذى أنبتهم.

فى أوقات الأزمات تبقى الخسارة قدر الجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأنفار والسمسار الأنفار والسمسار



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon