توقيت القاهرة المحلي 14:49:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين اختار الله رجله

  مصر اليوم -

حين اختار الله رجله

بقلم - د. محمود خليل

تستطيع أن تجد نماذج أخرى، قريبة الشبه من نموذج "عصفور المجذوب" أحد أبطال رواية "يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم، ظهرت في روايات أخرى، ورسمت ملامح "مجذوب القرية". ويكاد يكون نجيب محفوظ الوحيد الذي قدم نموذجاً مختلفاً لشخصية المجذوب ذي الصبغة القاهرية، وذلك في روايته زقاق المدق.

ومجذوب "الزقاق" لم يكن نكرة كما هو حال مجاذيب القرية، بل كان فيما سبق معلماً وقوراً للغة الانجليزية بوزارة الأوقاف، ورب لأسرة تظللها سحابات السعادة، ولما انضمت مدارس الأوقاف إلى وزارة المعارف، سويت حالته مثل كثيرين من غير ذوي المؤهلات العليا، فتم تنزيله من الدرجة السادسة إلى الدرجة الثامنة، وعين موظف بوزارة المعارف، بعد أن كان مدرساً مرموقاً بالأوقاف.

صمم، بعد هذا القرار الذي رآه متعسفا، على مقابلة وكيل الوزارة، ودخل حجرته في تؤدة ووقار وخاطبه قائلاً: يا سعادة الوكيل لقد اختار الله رجله.

تعجب الوكيل مما يسمع، وطلب منه التوضيح فبادره "درويش" قائلاً: أنا رسول الله إليك بكادر جديد".

بهذه العبارة انتهت رحلة الشيخ درويش في الوظيفة، فتم فصله، ليخرج بعدها من العالم ويهيم على وجهه، ويجد ضالته في النهاية بين أهل زقاق المدق الذين عاملوه بأعلى درجات التبجيل، وهو الرجل الذي يهتف بحب أهل البيت، بل واعتقد بعضهم فيه، فنسبوا إليه كرامات و معجزات مزعومة، لو كان يتمتع بقسط ولو صغير منها لنفع نفسه، لكنه ظل في نظرهم ولياً من أولياء الله الصالحين، يأتيه الوحي باللغتين العربية والانجليزية.

وبعيداً عن حدوتة "عصفور المجذوب" أو "مجذوب الزقاق"، لم يزل ظهور أي "درويش جديد" داخل مدن مصر وقراها، يقابل بقدر كبير من الاهتمام من جانب المواقع الإعلامية، فتهتم بالنشر عنه مدفوعة بالترافيك، أو زيادة حجم المرور عليها. أحد هؤلاء المجاذيب ظهر بإحدى قرى الاقصر، واعتقد أهل القرية وغيرهم في كراماته وقدرته على حل مشاكلهم عبر اتصاله بالجن، بما في ذلك تمكين طلاب الثانوية العامة من الحصول على أعلى المجاميع، والملفت أن بعض مشاهير القاهرة يهرولون إليه، ويستعينون بكراماته على قضاء حوائجهم.شىء عجيب أن يظن إنسان بإنسان آخر مثله قدرة على خرق قوانين الطبيعة ونواميسها، رغم أنه يضعف ويمرض ويعجز ويموت مثله، يعتبره ملاذاً وقبلة ويتوهم أنه يملك حل مشاكله، متذرعاً في ذلك بموقع خاص يحتله هذا الشخص على خريطة العلاقة مع السماء، دون أن يقف لحظة ويراجع القرآن الكريم الذي يؤكد على أن الناس جميعاً فقراء إلى الله والله وحده هو الغني الحميد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بمثل الخوراق التي ينسبونها إلى مجاذيبهم أو من يرفعونهم إلى مرتبة الولاية، وأن ثلة الأولين من صحابة النبي لم يظهر بينهم نماذج لهؤلاء الذين يحسبونهم على الله، رغم أنهم في عرف الناس جميعاً الجيل الأفضل من المسلمين.حقاً لله في خلقه شئون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين اختار الله رجله حين اختار الله رجله



GMT 09:03 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 09:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 09:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 09:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 08:59 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 08:57 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 08:55 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

«فيروز».. عيونُنا إليكِ ترحلُ كلَّ يوم

GMT 08:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon