توقيت القاهرة المحلي 11:01:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين اختار الله رجله

  مصر اليوم -

حين اختار الله رجله

بقلم - د. محمود خليل

تستطيع أن تجد نماذج أخرى، قريبة الشبه من نموذج "عصفور المجذوب" أحد أبطال رواية "يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم، ظهرت في روايات أخرى، ورسمت ملامح "مجذوب القرية". ويكاد يكون نجيب محفوظ الوحيد الذي قدم نموذجاً مختلفاً لشخصية المجذوب ذي الصبغة القاهرية، وذلك في روايته زقاق المدق.

ومجذوب "الزقاق" لم يكن نكرة كما هو حال مجاذيب القرية، بل كان فيما سبق معلماً وقوراً للغة الانجليزية بوزارة الأوقاف، ورب لأسرة تظللها سحابات السعادة، ولما انضمت مدارس الأوقاف إلى وزارة المعارف، سويت حالته مثل كثيرين من غير ذوي المؤهلات العليا، فتم تنزيله من الدرجة السادسة إلى الدرجة الثامنة، وعين موظف بوزارة المعارف، بعد أن كان مدرساً مرموقاً بالأوقاف.

صمم، بعد هذا القرار الذي رآه متعسفا، على مقابلة وكيل الوزارة، ودخل حجرته في تؤدة ووقار وخاطبه قائلاً: يا سعادة الوكيل لقد اختار الله رجله.

تعجب الوكيل مما يسمع، وطلب منه التوضيح فبادره "درويش" قائلاً: أنا رسول الله إليك بكادر جديد".

بهذه العبارة انتهت رحلة الشيخ درويش في الوظيفة، فتم فصله، ليخرج بعدها من العالم ويهيم على وجهه، ويجد ضالته في النهاية بين أهل زقاق المدق الذين عاملوه بأعلى درجات التبجيل، وهو الرجل الذي يهتف بحب أهل البيت، بل واعتقد بعضهم فيه، فنسبوا إليه كرامات و معجزات مزعومة، لو كان يتمتع بقسط ولو صغير منها لنفع نفسه، لكنه ظل في نظرهم ولياً من أولياء الله الصالحين، يأتيه الوحي باللغتين العربية والانجليزية.

وبعيداً عن حدوتة "عصفور المجذوب" أو "مجذوب الزقاق"، لم يزل ظهور أي "درويش جديد" داخل مدن مصر وقراها، يقابل بقدر كبير من الاهتمام من جانب المواقع الإعلامية، فتهتم بالنشر عنه مدفوعة بالترافيك، أو زيادة حجم المرور عليها. أحد هؤلاء المجاذيب ظهر بإحدى قرى الاقصر، واعتقد أهل القرية وغيرهم في كراماته وقدرته على حل مشاكلهم عبر اتصاله بالجن، بما في ذلك تمكين طلاب الثانوية العامة من الحصول على أعلى المجاميع، والملفت أن بعض مشاهير القاهرة يهرولون إليه، ويستعينون بكراماته على قضاء حوائجهم.شىء عجيب أن يظن إنسان بإنسان آخر مثله قدرة على خرق قوانين الطبيعة ونواميسها، رغم أنه يضعف ويمرض ويعجز ويموت مثله، يعتبره ملاذاً وقبلة ويتوهم أنه يملك حل مشاكله، متذرعاً في ذلك بموقع خاص يحتله هذا الشخص على خريطة العلاقة مع السماء، دون أن يقف لحظة ويراجع القرآن الكريم الذي يؤكد على أن الناس جميعاً فقراء إلى الله والله وحده هو الغني الحميد، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بمثل الخوراق التي ينسبونها إلى مجاذيبهم أو من يرفعونهم إلى مرتبة الولاية، وأن ثلة الأولين من صحابة النبي لم يظهر بينهم نماذج لهؤلاء الذين يحسبونهم على الله، رغم أنهم في عرف الناس جميعاً الجيل الأفضل من المسلمين.حقاً لله في خلقه شئون.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين اختار الله رجله حين اختار الله رجله



GMT 10:09 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط والشرع وجروح الأسدين

GMT 10:08 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

بجعة سوداء

GMT 10:07 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

عن «شاهبندر الإخوان»... يوسف ندا

GMT 10:05 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إلى أين؟

GMT 10:04 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... من سيكتب الدستور؟

GMT 10:02 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

اكتب أنت يا عندليب!

GMT 10:00 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

أُهدى جائزتى.. إلى جريدتى

GMT 09:59 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الزمن الإسرائيلى

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد
  مصر اليوم - بشرى تكشف عن أمنيتها للعام الجديد

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon