توقيت القاهرة المحلي 07:53:02 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«آدم» يبحث عن «حواء»

  مصر اليوم -

«آدم» يبحث عن «حواء»

بقلم - محمود خليل

 

نزل آدم إلى الأرض بعد أن عاقبه الله تعالى على خطيئته، حين أضله الشيطان وجعله يأكل من الشجرة التى نهاه الله عنها. وكذلك حواء شريكته فى الخطيئة. وشاءت إرادة الله تعالى أن يمضى كل منهما فى طريق، ليخوضا رحلة التيه، ويشرع آدم فى البحث عن نصفه الآخر، المرأة التى خرجت من ضلعه. يجوب الأماكن كما تحكى كتب التراث من الهند حتى جدة، باحثاً عن حواء. يقول ابن الأثير فى كتابه «الكامل فى التاريخ»: «إن الله تعالى أهبط آدم قبل غروب الشمس من اليوم الذى خلقه فيه، وهو يوم الجمعة، مع زوجته حوّاء من السماء، فقال علىّ وابن عباس وقتادة وأبوالعالية: إنّه أهبط بالهند على جبل يقال له نود من أرض سرنديب، وحواء بجدّة، قال ابن عباس: فجاء فى طلبها، فكان كلّما وضع قدمه بموضع صار قرية، وتعارفا بعرفات، فلذلك سميت عرفات، واجتمعا بجمع، فلذلك سميت جمعاً، وأهبطت الحيّة بأصفهان، وإبليس بميسان».

تبدو القصة السابقة موغلة فى الخيال، وأقرب إلى الأسطورة من أولها إلى آخرها، لكنها تحمل رمزية خاصة يؤكدها واقع حياة البشر. فرحلة التيه لم تزل الملمح الأهم فى حواديت العلاقة بين بنى آدم وبنات حواء. فكلاهما يخوض رحلة بحث منذ أن يستوعبا الحياة من حولهما عن الآخر حتى يشاء الله باللقاء. رحلة البحث عن «النصف الآخر» هى أطول رحلة يخوضها بنو آدم وبنات حواء، فى تكرار للمشهد الخالد الذى أخذ فيه «آدم» يبحث عن «نصفه الآخر» بعد الطرد من الجنة. يقول بعض كتاب التراث إن «آدم» ظل يبحث عن «حواء» أربعين سنة كاملة حتى أدركته رحمة الله ووجدها هناك فى «عرفات»، كما يحكى «ابن الأثير»، لذا كان من الطبيعى أن يوصف «عرفات» بـ«جبل الرحمة». أراد الله تعالى أن يجعل ذلك اللقاء الخالد «لقاء رحمة»، بسبب وعيد الشقاء الذى توعد به آدم إذا عصاه وأكل من الشجرة التى نهاه عنها.

عاش آدم على الأرض مؤرقاً بالحنين إلى الراحة، كل لحظة شقاء، أو انكسار أو انهزام تذكره بذاك الحنين، وذلك الشوق الذى لا ينقضى بالعودة إلى هناك، حيث الحياة المتدفّقة السلسة الممتعة. ولست أجد أكثر عبقرية من الوصف الذى قدّمه المبدع الكبير نجيب محفوظ، وهو يحكى قصة «أدهم»، ضمن حكايات «أولاد حارتنا»، يقول «نجيب»: كان أدهم يقول لنفسه وهو يعيش فى حديقة البيت الكبير: «الحديقة وسكانها المغردون والماء والسماء ونفسى النشوى، هذه هى الحياة الحقة، كأننى أجد فى البحث عن شىء. ما هذا الشىء؟ الناى أحياناً يكاد يجيب». ولما طرده «الجبلاوى» من البيت الكبير، وتركه فى العراء وتحول إلى «بائع خيار» كى يعيش، حدث ذات يوم أن نعس من التعب أسفل شجرة، بعد أن تشقّقت قدماه من السير وهو يجر العربة، فانتهز مجموعة من الأطفال فرصة نومه، وقلبوا له العربة، فاستيقظ من نومه مفزوعاً وهو يسب ويلعن، ثم انكب على الأرض يجمع البضاعة، وراح يقول بتأثر وانفعال مخاطباً «الجبلاوى»: «لماذا كان غضبك كالنار تحرق بلا رحمة؟ لماذا كان كبرياؤك أحب إليك من لحمك ودمك؟ وكيف تنعم بالحياة الرغيدة وأنت تعلم أننا نُداس بالأقدام كالحشرات؟ والعفو واللين والتسامح ما شأنها فى بيتك الكبير أيها الجبار؟».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«آدم» يبحث عن «حواء» «آدم» يبحث عن «حواء»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 07:12 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

فينيسيوس الأفضل في العالم لأول مرة وهذا ترتيب ميسي وصلاح

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 22:56 2019 الإثنين ,09 كانون الأول / ديسمبر

إيهاب جلال يطمئن على فريد شوقي بعد تحسن حالته

GMT 16:26 2019 الأحد ,10 آذار/ مارس

سيدة كل العصور

GMT 06:37 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

تعرف على سعرالمانجو في سوق العبور الثلاثاء

GMT 01:04 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

وداع أندريس إنييستا يخيم على احتفالات برشلونة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon