توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حين ركبت «التفاهة»

  مصر اليوم -

حين ركبت «التفاهة»

بقلم - د. محمود خليل

لم يكن "لمعان" شخصية "تفاهة" في فيلم "بلية ودماغه العالية" تعبيراً عن مجرد إبداع خاص قدمته في الفيلم، بل ظني أن جوهره أن فكرة "التتفيه" ومنهجياته -إن صح أن له منهجيات- كانت قد بدأت في الزحف بشكل حثيث إلى كافة مفاصل الحياة داخل مجتمعنا، فأصبح كل شىء قابل للتسفيه، في المقابل لقيت التفاهة والتتفيه والتافهون مساحات تمدد في المجتمع، فاقت أي زمن مضى.

كأمثلة على ذلك.. انتشرت أواخر التسعينات وخلال العقد الأول من الألفية الجديدة برامج ساخرة عديدة، اعتمدت بشكل أساسي على منهجية "التتفيه"، وجعل الكثير من الأفلام التي تمتعت بمكانة خاصة على خريطة الوجدان المصري، بسبب عظمة النصوص المأخوذة عنها، أو معالجتها لموضوعات أو لمراحل شكلت حلقات مفصلية في تاريخنا، أو مشاركة فنانين كبار فيها، مادة للضحك، والسخرية، والزغزغة الفجة.

تعال مثلاُ نستذكر عملاً مثل "دعاء الكروان" الذي هز وجدان العديد من الأجيال، لما حمله من وصف لتناقضات وتقلبات مشاعر البشر، وما يطرحه من أفكار حول سحق الأغنياء للفقراء، واتخاذهم مادة للتسري، والثقافة العنيفة التي تحملها الطبقات الفقيرة في نظرتها إلى المرأة.

دعاء الكروان تحول إلى "دعاء البغبغان" وبات مادة للسخرية في أحد هذه البرامج.

وعمل درامي يمجد السعي الشريف في الحياة الذي دفع بأحد الفقراء إلى مواقع متقدمة على خريطة الثراء، مثل "لن أعيش في جلباب أبي" تحول إلى "لن أعيش في بوكسر أبي"، ونص "التوت والنبوت" تحول إلى "البوت والزعبوط".

وكما تعلم فإن دعاء الكروان مأخوذ عن رواية عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، ولن أعيش في جلباب أبي مأخوذ من نص لإحسان عبد القدوس، والتوت والنبوت، يمثل الحكاية العاشرة من حكايات الحرافيش لصاحب نوبل، الأديب نجيب محفوظ.

نماذج عديدة ستجدها لو فتشت لبرامج وأعمال تليفزيونية اعتمدت خلال هذه الفترة على تتفيه إبداع العديد من الرموز الفكرية والأدبية والفنية، وتسييل قيمتها داخل الوجدان العام، من خلال أداة لا تخطىء في تأثيرها، وهي أداة السخرية.

وفي خضم هذا التحول الذي بدأ منذ عقد التسعينات وامتد إلى العقدين التاليين له، أصبحت السخرية وتتفيه كل شىء "سلو بلدنا"، وأصبح البحث عن الكوميديا هو كل شىء، وانتشرت في هذه الأجواء أعمال كوميدية عديدة اختلفت في قيمتها، وأرجو ألا أكون مبالغاً إذا قلت أن أغلبها خرج مكسواً بحمولة من التفاهة و"السآلة" غير المسبوقة في تاريخنا.. بل قل إن البطولة فيها كانت للتفاهة.

الكوميديا مطلوبة ولا شك، وهي جناح أساسي من أجنحة الدراما، لكن بإمكانك أن تقيس الفارق بين الأعمال الكوميدية المعاصرة، وكوميديا نجيب الريحاني، أو اسماعيل ياسين، أو فؤاد المهندس، ورغم ما اتهمت به بعض أعمال النجمين الأخيرين من تفاهة وسطحية، إلا أنها لم تخل من فكرة، فلم يكن الغالب عليها جميعها منهجية "التتفيه" بالصورة التي شهدناها أو نشهدها، بل كان بعضها يحمل قيمة كبرى.. انظر على سبيل المثال كيف عالج فؤاد المهندس آفة النفاق في فيلم "أرض النفاق"، وكيف جسد اسماعيل ياسين فكرة "قضا أخف من قضا" في فيلم "اسماعيل ياسين في السجن".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حين ركبت «التفاهة» حين ركبت «التفاهة»



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب

GMT 11:04 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

منة فضالي جمهورها بمناسبة عيد الأضحى

GMT 20:31 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

وادي دجلة يكشف خطة الفريق للبقاء في الدوري الممتاز

GMT 09:26 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

"الفيفا" يعلن مواعيد مباريات تصفيات كأس العرب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon