توقيت القاهرة المحلي 18:52:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من أمن العقاب أساء الأدب

  مصر اليوم -

من أمن العقاب أساء الأدب

بقلم - د. محمود خليل

اشتمل الدستور الأخلاقي للحسن بن علي، رضي الله عنهما، على تحديد دقيق لمعنى "الإخاء" من ناحية، ومعنى "الجُبن" من ناحية أخرى، والمتأمل لتعريفة لمدلول كل قيمة من هاتين القيمتين يدرك أنه أمام شيخ جليل من شيوخ الحكمة.

حدد "الحسن" معنى الإخاء في: الوفاء فى الشدة والرخاء، أما "الجبن" فيعني: الجرأة على الصديق والنكول عن العدو.رؤية الحسن بن علي لمفهوم الإخاء كنوع من الوفاء في الشدة والرخاء يعكس فهمه لمعنى الرجولة. فالرجال مواقف، كما يقولون، والأخ لا يظهر -كأخ بيولوجي أو صديق أو حبيب- إلا في وقت الشدة. فالصداقة التي تقوم على الاستفادة من الصديق وقت الرخاء، والتخلي عنه وقت الشدة، هي عملة مزيفة، وكذا الأخوة أو الحب.

للمصريين في هذا السياق مثل يقول: "اشتدي يا شدة.. وريني عدوي من صديقي".تعريف "الحسن" للإخاء -كشكل من أشكال الوفاء- يدلل على أن القرآن، بآياته الكريمة وتوجيهاته السامية، حاضر في عقله ووجدانه. فالله تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود".. ويقول: "وأوفوا الكيل والميزان بالقسط".. ويقول: "وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم".. فالوفاء مطلوب في كل فعل من أفعال الإنسان، وما عداه خيانة، فعدم الوفاء بالعقود خيانة، وعدم الوفاء بالمعاهدات خيانة، وتبديد الأمانات خيانة، وعدم الوفاء في الكيل وبخس الناس أشيائهم خيانة.. وهكذا تتدرج الأمور حتى تصل إلى خيانة العلاقات الإنسانية، من صداقة وزمالة وحب وزواج.ومن الملفت أن الحسن بن علي جعل "الجُبن" نقيض الوفاء.

وكأنه يريد أن يقول أن سقوط الإنسان في بئر الخيانة دائماً ما يكون مصدره "الجبن"، ويظهر ذلك في التعريف الذي قدمه لهذا الخلق المذموم، وفيه يقول " الجبن يعني الجرأة على الصديق والنكول عن العدو". ما أعمق هذا التعريف لمفهوم "الجبن". فالشخص الجبان جرىء على الصديق الذي يأمن جانبه، هارب فار أمام العدو الذي يخشى بطشه.

كم من أشخاص تجدهم يتجرأون على أقرب الناس إليهم، لأنهم يأمنون جانبهم. الأبناء الذين يتجرأون على الآباء والأمهات، وهم واثقون بأنهم لن ينالوهم بسوء، الزوج الذي يتجرأ على زوجته، والزوجة التي تتجرأ على زوجها، ثم الصديق أو الحبيب الذي يتجرأ على صديقه أو حبيبه، وهو مطمئن البال مستريح الخاطر، لأنه يعلم أن الطرف الآخر لن يعاقبه على ذلك.

في المقابل تجد هؤلاء المتجرئين يهربون من مواجهة من يملكون القدرة على عقابهم.. مثل الرجل الذي يتطاول على أمه التي أنجبته ويؤثر السلامة مع زوجته، أو الابن الذي يتجرأ على أبيه، ويتذلل لرئيسه في العمل، أو الشقيق الذي يتجرأ على شقيقه، ولا يملك ذلك أمام صديق يستطيع أن يعاقبه.نحن أمام تعريف عبقري للجبن، يصف من تمكن منه هذا الخلق بأنه أسد على من يأمن، ونعامة أمام من يستطيع رده وعقابه، وهو تعريف يضع الجبن كمقابل للوفاء، وكأن "الحسن بن علي" أراد أن يقول أن الجبن نوع من الخيانة للذات وللمقربين من الفرد، الذين يأمن عقابهم.. ومن أمن العقاب أساء الأدب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من أمن العقاب أساء الأدب من أمن العقاب أساء الأدب



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon