توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العشم وإطفاء الغضب

  مصر اليوم -

العشم وإطفاء الغضب

بقلم - د. محمود خليل

مجموعة من المعايير أو القواعد تتعلق بفكرة «حسابات الخطوة» اشتملت عليها «سورة الطلاق».. بصفة عامة لا بد أن يحسب الإنسان خطواته فى الحياة، والمثل المصرى يقول: «مين يحسب الحسابات فى الهَنا يبات».. وهناك مثل آخر يقول: «كل خطوة تحتاج ألف سلامة».. ولا يوجد -على المستوى الإنسانى- خطوة أخطر من خطوة الطلاق، سواءً بالمعنى العام للطلاق: طلاق فكرة، أو طلاق عمل، أو طلاق صديق، أو طلاق قريب، أو بالمعنى الخاص المتمثل فى الانفصال عن الزوجة.أولى هذه القواعد: لا تتحرك تحت ضغط موقف راهن فقد يشهد المستقبل تحولات تندم فيها على القرار المتسرع الذى تتخذه حالياً.. يقول الله تعالى: «لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا».. فالإنسان لا يعلم ما يأتى به المستقبل والتحولات التى يمكن أن يشهدها الغد، وقد ظهرت هذه القاعدة فى سياق تحذير الزوج من الإطاحة بزوجته بعيداً عن المنزل، دون أن يمنح نفسه وقتاً للمراجعة.. يقول تعالى: « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا».قد يغضب شخص من زوجته اليوم، لكن الأمر قد يختلف غداً، فالإنسان قد يأتى تحت ضغط الغضب بسلوكيات لا يتصور أن يأتيها وهو فى حالته الطبيعية، والقرآن الكريم يحكى لنا أن نبيه موسى عليه السلام أصابه غضب شديد وألقى الألواح (وفيها وصايا الله) حين وجد قومه تحولوا إلى عبادة عجل من ذهب صنعه لهم السامرى، فى الوقت الذى كان يتلقى فيه وصايا ربه.. يقول تعالى: «وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ»، واختلف الأمر حين سكت الغضب عن موسى، فالتقط الألواح من الأرض وفيه وصايا الله.. يقول تعالى: «وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ».قول الله تعالى: «لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا» يعنى أن الدنيا لا تثبت على وضع، والأحوال تتبدل، لذلك على العاقل أن يتحسب لخطواته، ويأخذ فى الاعتبار أن ظروفاً يمكن أن تظهر فى المستقبل تقلل من وجاهة قرار يتخذه فى اللحظة الحالية. والله تعالى يقول: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ».من الناحية العلمية يذهب البعض إلى أن المستقبل هو امتداد لمعطيات الحاضر. وهذا الكلام صحيح لكن بصورة نسبية، لأن حسابات الحياة لا تتم بهذه الشكل الخطى المستقيم، إذ قد تظهر تعرجات وانكسارات تأخذ الواقع إلى آفاق جديدة، فالعوامل المفاجئة قد تكون أشد أثراً فى تحديد مسارات المستقبل من معطيات الواقع المعيش، والمفاجآت لا يستطيع أحد أن يتوقعها، لأن الله تعالى وحده هو من يعلم الغيب ويملك مفاتحه.العشم فى وجه الله هو أساس التفاؤل بالغد، وهو جوهر إطفاء غضب الحاضر، وما يؤدى إليه من تسرع فى الخطوات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العشم وإطفاء الغضب العشم وإطفاء الغضب



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon