توقيت القاهرة المحلي 14:27:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الشعراوي» وأخلاق القرية

  مصر اليوم -

«الشعراوي» وأخلاق القرية

بقلم - د. محمود خليل

تطل علينا هذه الأيام ذكرى وفاة الشيخ محمد متولى الشعراوى (17 يونيو 1998)، الرجل الذى يرى البعض أنه لعب الدور الأهم فى ترييف الدعوة الدينية، كجزء من عملية «ترييف» وجه الحياة فى مصر، والتى بدأت خلال حقبة السبعينات من القرن الماضى، حين تبنى الرئيس السادات نظرية «أخلاق القرية».

فى كل الأحوال يصح النظر إلى الشيخ محمد متولى الشعراوى -طيب الله ثراه- كشخصية معبرة ومترجمة لتحولات الدعوة الدينية فى السبعينات وما بعدها. ولو أنك تابعت الجدل الذى يثار حوله وحول أسلوبه فى الدعوة، من حين إلى آخر، فسوف تجد أنه يلمس -باستمرار- وتر «الترييف»، فـ«الشعراوى» من وجهة نظر البعض هو المسئول عن «ترييف الدعوة الدينية»، وكأن الترييف تهمة!.

«الشعراوى» كما تعلم فلاح مصرى ولد ونشأ بقرية «دقادوس» التابعة لمركز ميت غمر. وكان من الشخصيات المقربة من الرئيس أنور السادات، حتى قبل أن يتولى الرئاسة، وقد عينه وزيراً للأوقاف عام 1976، لكن شعبيته الحقيقية بدأت مع ظهوره التليفزيونى ضيفاً على برنامج «نور على نور» مع الإعلامى الراحل أحمد فراج، بعدها خصص التليفزيون برنامجاً تليفزيونياً له يسرد فيه خواطره فى تفسير القرآن الكريم.

من عاش حقبة السبعينات يذكر جيداً رد الفعل الإيجابى الكبير الذى قابل به جمهور التليفزيون الحلقات الأولى التى سجلها «الشعراوى» مع أحمد فراج، فقد أتى الرجل، حين توقف أمام حادثة الإسراء والمعراج، بمجموعة من التفسيرات اللامعة الجديدة على الأذن المصرية حينذاك، وشرح هذه المعجزة المدهشة بقدر كبير من البساطة والإقناع.

وبإمكانك القول إن هاتين الكلمتين «البساطة المقنعة» شكلتا سر نجاح الشعراوى فى التأثير على جمهوره، فكما تعلم أن اتصال المصريين بكتاب الله كبير كنص مسموع أو محفوظ، على هذا يشهد تاريخ الكتاتيب والليالى والختمات القرآنية التى كانت تنعقد فى البيوت أو الساحات خلال العصر المملوكى، أما الاتصال بتفاسير القرآن فكان معدوماً على مستوى العامة الذين كان أغلبهم أميين لا يجيدون القراءة والكتابة، ومقصوراً على المتخصصين من طلاب الأزهر، ولم يكن ثمة أداة يستطيع المهتمون بفهم وتفسير كتاب الله الوصول بها إلى الجمهور الأمى.

بعد ظهور الراديو وجد شيوخ وعلماء الأزهر وسيلة جيدة لشرح معانى القرآن للمصريين، لكن الجهد الذى بذل فى هذا الاتجاه كان مشتتاً ومحدوداً، وكان يزاحمه فى بعض الأحيان الاهتمام بالخطاب النبوى وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وبناء الثقافة الدينية للمسلم المصرى على أساسه.

النقلة حدثت مع ظهور التليفزيون ووجود الشيخ الشعراوى -رحمه الله- كداعية يمتلك العديد من الأدوات التى يستطيع أن يتعامل بها مع الكاميرا، ويتمكن من خلالها من مخاطبة المواطن بالمفاهيم القرآنية بشكل بسيط ومقنع وجديد. وجه البساطة والإقناع مفهوم، أما وجه الجدة فيتمثل فى تقديم المفاهيم القرآنية وشرح معانيها بشكل منظم وممنهج بحيث تصل إلى المسلم المصرى الذى لا يجيد القراءة والكتابة، وبلغة بسيطة ومحببة، وبلهجة ريفية تستطيع استقطاب آذان الفلاحين المصريين فى قرى مصر ونجوعها، وإطراب أفندية الحضر الذين كانوا يلتفون حول التليفزيون بعد صلاة الجمعة، مثلما يلتف الفلاحون فى القرى، للاستماع إلى خواطر الشيخ.

من زاوية اللهجة الريفية، التى اعتبرها البعض ترييفاً للدعوة الإسلامية، بدأ البعض فى انتقاد الشيخ الشعراوى بصورة تعيد إلى الذاكرة اللهجة المتعالية لـ«عبدالهادى النجار» وهو يتحدث عن الفلاحين فى رواية «زينب والعرش»!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الشعراوي» وأخلاق القرية «الشعراوي» وأخلاق القرية



GMT 09:09 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 09:05 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 09:04 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

التسمم بالرصاص وانخفاض ذكاء الطفل

GMT 09:03 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 09:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجائزة الكبرى المأمولة

GMT 09:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

تنظيم «الإخوان» ومعادلة «الحرية أو الطوفان»

GMT 08:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

لأميركا وجهان... وهذا وجهها المضيء

GMT 08:53 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:05 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
  مصر اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 08:11 2024 الخميس ,31 تشرين الأول / أكتوبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 16:32 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

والدة الفنان المصري عمر كمال تكشف موقفها من عمله

GMT 09:42 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على قائمة الإجازات الرسمية 2021 في مصر

GMT 02:51 2020 الجمعة ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابة لاعب الأهلي المصري محمد أشرف بكورونا

GMT 20:23 2020 الأربعاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

طوارئ في قرية في محافظة قنا بسبب كورونا

GMT 18:31 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

مورينيو يوضح إصابة سون هي الأولى فقط المزيد قادم

GMT 09:49 2020 الإثنين ,27 تموز / يوليو

جيونبك يعزز موقعه في وصافة الدوري الكوري
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon