توقيت القاهرة المحلي 07:24:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أمير الدهاء

  مصر اليوم -

أمير الدهاء

بقلم - د. محمود خليل

عبارة لافتة تظهر فى رواية نجيب محفوظ «القاهرة الجديدة»، وهو يصف نمط تدين «مأمون رضوان»، أحد أبطالها، يذكر فيها أن أحد زملائه قال عنه ذات مرة: «الأستاذ مأمون رضوان إمام الإسلام فى عصرنا، وقديماً أدخل عمرو بن العاص الإسلام فى مصر بدهائه.. وغداً يخرجه منها مأمون رضوان بثقل دمه».

تحمل العبارة وجهة نظر فى نمط التدين الذى سيطر على قطاع من الشباب المصرى فى الثلاثينات من القرن الماضى، وأحسب أن نجيب محفوظ تصور أن حبله ما زال ممتداً خلال العقود التالية، وهو نمط التدين القائم على التجهم فى مواجهة الحياة والتكشير وكراهية المزاح والدعابة (تقل الدم)، الأمر الذى سوف ينفّر المصريين من المتدينين من هذا الطراز المأمونى ثقيل الظل، وبالتالى يخرج الإسلام من مصر بعد أن أدخله عمرو بن العاص فيها بالدهاء.

بعيداً عن الصورة البلاغية التى وظفها نجيب محفوظ فى وصف قالب التدين المنغلق الذى وضع «مأمون رضوان» نفسه فيه، أجد أن العبارة التى يقول فيها نجيب محفوظ إن عمرو بن العاص أدخل الإسلام مصر بالدهاء تستحق التأمل، ويصح أن نطرح على هامشها سؤالاً: هل أدخل عمرو بن العاص الإسلام إلى مصر بالدهاء فعلا؟

كثيرون وصفوا «عمرو بن العاص» بالدهاء السياسى، شأنه فى ذلك شأن بنى أمية، تلك العائلة السياسية العتيدة التى انحدر «عمرو» منها، وأحداث التاريخ تقول إنه لعب دوراً مهماً إلى جوار «معاوية بن أبى سفيان» فى تحدى الخليفة الشرعى «على بن أبى طالب»، حين تولى أمر المسلمين بعد اغتيال «عثمان بن عفان» رضى الله عنه.

وأشهر موقف يستدعيه البعض عند الحديث عن دهاء «عمرو» يتعلق بأمر التحكيم، فكتب التاريخ تقول إنه من أوعز لمعاوية بدعوة على بن أبى طالب إلى الاحتكام لكتاب الله، وفى مفاوضات التحكيم أوكل معاوية أمر تمثيله إلى «عمرو بن العاص» فى مواجهة «أبى موسى الأشعرى» ممثل «على».

والمفتش فى كتب التاريخ سيجد أن فكرة الدعوة إلى تحكيم كتاب الله فى الخلاف الذى نشب بين المسلمين عقب اغتيال «عثمان» طرحت فى فترة مبكرة من تاريخ الخلاف، ولم يكن لعمرو بن العاص الفضل فى طرحها، بل كان لأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها. فهى أول من دعت المتقاتلين فى «موقعة الجمل» إلى كتاب الله.

يقول «ابن كثير» فى «البداية والنهاية»: «وتقدمت عائشة رضى الله عنها فى هودجها وناولت كعب بن سوار قاضى البصرة مصحفاً، وقالت: ادعهم إليه، وذلك حين اشتدت الحرب وحمى القتال ورجع الزبير وقتل طلحة رضى الله عنهما، فلما تقدم كعب بن سوار بالمصحف يدعو إليه استقبله مقدمة جيش الكوفيين، وكان عبدالله بن سبأ وهو ابن السوداء وأتباعه بين يدى الجيش يقتلون من قدروا عليه من أهل البصرة لا يتوقفون فى أحد، فلما رأوا كعب بن سوار رافعاً المصحف رشقوه بنبالهم رشقة رجل واحد فقتلوه ووصلت النبال إلى هودج أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها، فجعلت تنادى: الله الله يا بنى اذكروا يوم الحساب، ورفعت يديها تدعو على أولئك النفر من قتلة عثمان، فضج الناس معها بالدعاء حتى بلغت الضجة إلى علىّ، فقال: ما هذا؟. فقالوا أم المؤمنين تدعو على قتلة عثمان وأشياعهم، فقال: اللهم العن قتلة عثمان».

لم تختلط الأمور وتزيغ الأبصار فى فترة كما زاغت خلال تلك المحنة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أمير الدهاء أمير الدهاء



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 07:44 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

البنك المركزي المصري يعلن تراجع معدل التضخم السنوي

GMT 22:26 2018 السبت ,20 كانون الثاني / يناير

مبيعات Xbox One X تتجاوز 80 ألف فى أول أسبوع

GMT 14:26 2016 الجمعة ,16 كانون الأول / ديسمبر

أبطال " السبع بنات " ينتهون من تصوير أدوارهم في المسلسل

GMT 18:22 2017 الخميس ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن "هوندا سبورت فيجن GT" الجديدة بتصميم مثير

GMT 05:34 2016 الثلاثاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

إيفانكا ترامب تحتفل بعيد الميلاد في هاواي

GMT 09:27 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

أهم صيحات فساتين السهرة المثالية

GMT 10:34 2023 الثلاثاء ,24 كانون الثاني / يناير

الأردن يسلم اليونسكو ملف إدراج أم الجمال إلى قائمة التراث

GMT 04:47 2021 السبت ,02 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان محمد فؤاد يطرح فيديو كليب «سلام»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon