توقيت القاهرة المحلي 20:43:39 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلاطة اللسان

  مصر اليوم -

سلاطة اللسان

بقلم - محمود خليل

قلت لك إن كلمة «قَرَن» و«قرننة» التى ظهرت على ألسنة المصريين ربما تعود بجذورها إلى شخصية «قارون»، الرجل المتعالى الذى رفع فى الحياة شعار: «إنما أوتيته على علم عندى».

والشخصية المتعالية تمتاز بعدد من السمات، أبرزها سلاطة اللسان.

لسان المتعالى سليط.

وسلاطة اللسان ليست آفة، وذلك فى الأحوال التى يستند فيها المتحدث إلى حجج وبراهين على ما يقول.

فكلمة سلطان فى القرآن الكريم أحياناً ما تعبر عن معنى الحجة والبرهان، كما فى الآية الكريمة التى تقول: «وَءَاتَيْنَا مُوسَى سُلْطَنًا مُّبِينًا».. والآية التى تقول: «لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّى بِسُلْطَنٍ»، وأحياناً ما تعبر عن القهر والإجبار، كما فى قوله تعالى: «إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ» وقوله: «وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَنٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَغِينَ».

فسلاطة اللسان مقبولة حين ينطق صاحبه بالحجة والبرهان وإيراد الأدلة على ما يقول، لكن حين يطلق أحدهم الكلام على عواهنه، أى دون حجج أو أدلة أو براهين، ويطلب من غيره قبوله كما هو، وأن يؤدى معه كأذن تستقبل الكلام وتردده باللسان، دون إعمال عقل، فإن ذلك هو القهر والإجبار بعينه.

وتتعاظم الآثار السلبية للمتعالى سليط اللسان إذا صادف واقعاً ساكتاً، لا يخرج منه أحد ليرد عليه، ويصحح ما يلقى به من أقوال.

لقد كان مجتمع قارون خيراً من غيره من المجتمعات الساكتة، فحين خرج ثريه، بغروره وتعاليه ولسانه السليط، على من حوله، وجد من يستوقفه فيحاول نصحه وتنبيهه إلى الخلل الذى أصاب نظرته إلى الحياة وإلى البشر من حوله.

لم يكن المجتمع الموسوى مجتمعاً ساكتاً يلقى السليط فيه بالكلام أو بسوء الأفعال ثم لا يجد من يرد عليه. والمجتمعات التى تصد هى وحدها القادرة على تصحيح أوضاعها، ورد المتعالين من أهلها إلى عقلهم، لتستقيم الأمور.

أما المجتمعات التى يلقى فيها كل سليط لسان بسخافاته ولا يرد عليه أحد فهى المجتمعات الساكنة الراكدة.إن التسلط بالكلام جزء من مفهوم أكبر هو البغى الذى وصف الخالق العظيم قارون به: «إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ».

يقول المفسرون إن البغى هنا كان بالكبر والعلو، وقد يكون الأمر أبعد من ذلك، بانتقاص الحقوق أو أكل أموال الناس بالباطل، أو بالمغالاة، وغير ذلك.

فتجارب بناء ومراكمة الثروات داخل العديد من المجتمعات تشير إلى أن الجالسين فوق عروش المال أحياناً ما لا تسلم رحلتهم من البغى فى طريق تحقيق الثراء، وحين يستقر بهم المقام فوق عروش المال فإن لسانهم يصبح أكثر سلاطة فى الحديث عن الواقع ووصف أوضاعه.

ويتعجب من حولهم فى بعض الأحوال ويسأل: كيف يتكلمون عن الواقع بكل هذه الجرأة، وهو يستوعب الأمر حين يتذكر أن «الفلوس بتقوى القلب».. وأن «القرننة ليها ناسها».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاطة اللسان سلاطة اللسان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:20 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما
  مصر اليوم - أسماء جلال وأسماء أبو اليزيد تتنافسان في الغناء والسينما

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon