توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلاطة اللسان

  مصر اليوم -

سلاطة اللسان

بقلم - محمود خليل

قلت لك إن كلمة «قَرَن» و«قرننة» التى ظهرت على ألسنة المصريين ربما تعود بجذورها إلى شخصية «قارون»، الرجل المتعالى الذى رفع فى الحياة شعار: «إنما أوتيته على علم عندى».

والشخصية المتعالية تمتاز بعدد من السمات، أبرزها سلاطة اللسان.

لسان المتعالى سليط.

وسلاطة اللسان ليست آفة، وذلك فى الأحوال التى يستند فيها المتحدث إلى حجج وبراهين على ما يقول.

فكلمة سلطان فى القرآن الكريم أحياناً ما تعبر عن معنى الحجة والبرهان، كما فى الآية الكريمة التى تقول: «وَءَاتَيْنَا مُوسَى سُلْطَنًا مُّبِينًا».. والآية التى تقول: «لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّى بِسُلْطَنٍ»، وأحياناً ما تعبر عن القهر والإجبار، كما فى قوله تعالى: «إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ» وقوله: «وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُم مِّن سُلْطَنٍ بَلْ كُنتُمْ قَوْمًا طَغِينَ».

فسلاطة اللسان مقبولة حين ينطق صاحبه بالحجة والبرهان وإيراد الأدلة على ما يقول، لكن حين يطلق أحدهم الكلام على عواهنه، أى دون حجج أو أدلة أو براهين، ويطلب من غيره قبوله كما هو، وأن يؤدى معه كأذن تستقبل الكلام وتردده باللسان، دون إعمال عقل، فإن ذلك هو القهر والإجبار بعينه.

وتتعاظم الآثار السلبية للمتعالى سليط اللسان إذا صادف واقعاً ساكتاً، لا يخرج منه أحد ليرد عليه، ويصحح ما يلقى به من أقوال.

لقد كان مجتمع قارون خيراً من غيره من المجتمعات الساكتة، فحين خرج ثريه، بغروره وتعاليه ولسانه السليط، على من حوله، وجد من يستوقفه فيحاول نصحه وتنبيهه إلى الخلل الذى أصاب نظرته إلى الحياة وإلى البشر من حوله.

لم يكن المجتمع الموسوى مجتمعاً ساكتاً يلقى السليط فيه بالكلام أو بسوء الأفعال ثم لا يجد من يرد عليه. والمجتمعات التى تصد هى وحدها القادرة على تصحيح أوضاعها، ورد المتعالين من أهلها إلى عقلهم، لتستقيم الأمور.

أما المجتمعات التى يلقى فيها كل سليط لسان بسخافاته ولا يرد عليه أحد فهى المجتمعات الساكنة الراكدة.إن التسلط بالكلام جزء من مفهوم أكبر هو البغى الذى وصف الخالق العظيم قارون به: «إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ».

يقول المفسرون إن البغى هنا كان بالكبر والعلو، وقد يكون الأمر أبعد من ذلك، بانتقاص الحقوق أو أكل أموال الناس بالباطل، أو بالمغالاة، وغير ذلك.

فتجارب بناء ومراكمة الثروات داخل العديد من المجتمعات تشير إلى أن الجالسين فوق عروش المال أحياناً ما لا تسلم رحلتهم من البغى فى طريق تحقيق الثراء، وحين يستقر بهم المقام فوق عروش المال فإن لسانهم يصبح أكثر سلاطة فى الحديث عن الواقع ووصف أوضاعه.

ويتعجب من حولهم فى بعض الأحوال ويسأل: كيف يتكلمون عن الواقع بكل هذه الجرأة، وهو يستوعب الأمر حين يتذكر أن «الفلوس بتقوى القلب».. وأن «القرننة ليها ناسها».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلاطة اللسان سلاطة اللسان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon