توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المخلصون لـ«الوثنية»

  مصر اليوم -

المخلصون لـ«الوثنية»

بقلم - د. محمود خليل

الإخلاص للوثنية لا يفنى، لكن من الممكن أن يُستحدث من عدم. تلك هي النتيجة التي يمكن أن يخلص إليها من يتأمل قصة نبي الله "هود" مع أهله من قوم "عاد"، كما حكتها آيات القرآن الكريم.

سكن قوم "عاد" مدينة الأحقاف، وهناك سورة كاملة في القرآن الكريم عنوانها "الأحقاف"، ورد فيها طرف من قصة هود مع "عاد".. قال الله تعالى: "واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم".

الآية الكريمة السابقة تحمل إشارة بليغة إلى موقع "هود" من قومه، وطبيعة علاقته بهم والتي أخذت شكل الأخوة، لكن أمرها اختلف كل الاختلاف بعد أن دعاهم إلى نبذ عبادة الأصنام، وقد كانوا أول الأجيال التي عادت إلى الوثنية بعد طوفان نوح، ليثبتوا نظرية أن الإخلاص للوثنية لا يفنى، وأن بالإمكان استحداثها من عدم.

فالمدافعون عن الوثنية هم في الأغلب قوم عدميون.

العدميون يحملون نظرة أساسها الاستخفاف بكل القيم النبيلة التي تحكم الحياة، ويرون أن مصير الإنسان إلى الفناء، وأن الموت هو نهاية الرحلة، وليس بعده قيامة ولا حساب.. يصف القرآن الكريم الحالة العدمية التي غلبت على قوم "عاد" في الآية الكريمة التي تقول: "أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم تراباً وعظاماً أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين".

العدميون نظرتهم دنيوية بحتة، وهم لا يؤمنون بإدارة الدنيا بناء على معايير العدل، بل تأسيساً على معايير القوة والبطش بالآخرين.. يقول تعالى: "وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة".

هذه النظرة العدمية دفعت قوم "عاد" إلى اتهام "هود" الذي أسس علاقته معهم على الأخوة بـ"السفاهة"، وقد كان من العجيب للغاية أن يتهم قوم باعوا عقلهم فعبدوا أصناماً لا تنفع ولا تضر رجلاً يدعوهم إلى الوحدانية وعبادة خالق السماوات والأرض بالسفه: "قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين".

كذلك أصحاب الفكر الحجري والأداء الوثني في كل زمان ومكان، إنهم يشككون في القدرات العقلية لكل من يدعوهم إلى الخروج من دوائر العدمية إلى دوائر التحقق الإنساني، ويتهمون الدعاة إلى ذلك بالحمق والعبثية، في وقت يعتبرون فيه أمثالهم من أصحاب العقول المتحجرة والفكر الحجري بالرشد والوعي بالحياة وما بعد الحياة.

الوثنيون أصحاب النظرة العدمية يحبون من يفكر بذات الطريقة الحجرية التي يفكرون بها، حتى لو استذلهم وتجبر عليهم.. يقول تعالى: "وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد"، أما من يتحرك نحوهم بعاطفة الأخوة والنصح -كما فعل هود- ويعتمد على إقناعهم بالعقل والمنطق، فإنه لا ينال منهم إلا الأذى، فيوجهون إليه الاتهامات، مرة بالسفاهة ومرة بالجنون: "إن نقول إلا اعتراك بعض بعض آلهتنا بسوء".. إنهم يعترفون للحجر بالقدرة لأن قلوبهم القاسية عطلت عقولهم عن الفهم.والمآل الطبيعي لأصحاب العقول المتحجرة هو تحطيم رؤوسهم وقد كان: "فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المخلصون لـ«الوثنية» المخلصون لـ«الوثنية»



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء

GMT 18:05 2021 الثلاثاء ,15 حزيران / يونيو

خالد جلال يُعلن قائمة البنك الأهلي لمواجهة انبي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon