توقيت القاهرة المحلي 20:07:56 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كيف تسلل إلى الجنة؟

  مصر اليوم -

كيف تسلل إلى الجنة

بقلم - محمود خليل

 

حكم الخالق الأعظم على إبليس بالخروج من الجنة. "قال فاخرج منها فإنك رجيم". ويذهب الطبري إلى أن كلمة "منها" في الآية الكريمة دالة على الجنة، ويتفق معه في ذلك كافة المفسرين.

وفي المقابل قطع إبليس على نفسه عهداً أمام الله بغواية بني آدم حتى يروغوا عن عبادة الخالق.. يقول الله تعالى: "قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين".

ويقع الخطاب التأويلي بعد ذلك في مأزق عندما يستطرد في شرح قصة إبليس، وذلك في الموضع الذي يتناول فيه واقعة سقوط آدم في المعصية وأكله من الشجرة التي منعه الله إياها، بعد أن أغراه الشيطان بذلك.

فكيف دخل آدم الجنة بعد أن طُرد منها؟!.

تلك واحدة من الإشكاليات التأويلية الكبرى التي واجهت المفسرين، وكانت موضعاً لاهتمام واحد من كبار مفكرينا، وهو الدكتور محمد أحمد خلف الله الذي طرح هذه الإشكالية في كتابه "الفن القصصي في القرآن الكريم"، واستند إليها–هي وغيرها من الإشكاليات الشبيهة- إلى نظرية جديدة في فهم القصص القرآني، حين ربطه بفكرة "الأمثال".

أراد "خلف الله" من خلال النظرية التي طرحها حل إشكالية "آدم الذي خرج من الجنة ثم عاد إليها"، وغيرها من الإشكاليات الشبيهة في القصص القرآني من خلال فرضية أن القصص القرآني يجمع بين الحقيقة والمجاز، وأنه في كل الأحوال يستهدف شرح الحق وتبيينه للناس.

وقياساً على ذلك يمكن النظر إلى هذه الإشكالية التي حيرت المفسرين فيما سبق حين توقفوا أمام "إبليس" الذي حكم الله عليه بالطرد من الفردوس، ليظهر بعدها فجأة وهو يوسوس لآدم داخل الجنة، ويغريه بالأكل من الشجرة.

افترض المفسرون عدة تأويلات -اسرائيليات في الأغلب- لتفسير دخول آدم إلى الجنة من جديد، التأويل الأول أنه دخل الجنة من خلال "الحية" التي ابتلعته واختبأ في جوفها حتى دخلت به الجنة، فخرج منها ووسوس لآدم، الثاني أن يكون إبليس دخل الجنة في صورة دابة، الثالث أن يكون آدم وحواء كانا يخرجان إلى باب الجنة وإبليس كان يقرب من الباب ويوسوس إليهما، أما الوجه الرابع فيفترض أن إبليس كان في الأرض وأوصل الوسوسة إليهما في الجنة.

وقد أنكر بعض المفسرين الوجه الرابع وقالوا أن هذا بعيد لأن الوسوسة كلام خفي والكلام الخفي لا يمكن إيصاله من الأرض إلى السماء.

ولست أجد مبرراً في إنكار المفسرين الوجه الرابع لتفسير خروج آدم من الجنة والذي يذهب إلى أن الشيطان وسوس لآدم بشكل خفي حتى أغراه بالأكل من الشجرة.

فكيف ينكر هؤلاء هذا الطرح وهم يقرأون في كتاب الله: "إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم".

فالشيطان يتسلل إلى الإنسان في شكل خفي، وفي حين يستطيع إبليس رؤية بني آدم، فإن الأخير ليس بمقدوره رؤيته.

وذلك معنى "الوسوسة" ككلام خفي.

أغلب الظن –والله أعلم- أن المفسرين هرولوا وراء التفسيرات التوراتية فاندفعوا إلى سرد قصص مفسرة لدخول إبليس إلى الجنة من خلال الحية أو عبر التنكر في شكل دابة ثم الوسوسة لآدم، رغم أن المعنى القرآني واضح في أن عملية الوسوسة تمت عن بعد، ولم تكن تحتمل الرؤية المشتركة، بل كان إبليس يرى آدم، في حين أن آدم لا يراه.

يتساند مع ما أذهب إليه أيضاً تحليل الآية الكريمة التي تقول "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو". فألف التثنية في الآية تدلل على أن الخطاب كان موجهاً لكل من آدم وحواء بعد أن عصيا ربهما وأكلا من الشجرة.

يقول صاحب "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن": "الظاهر أن ألف الاثنين في قوله اهبطا راجعة إلى آدم وحواء المذكورين في قوله" فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما"، خلافا لمن زعم أنها راجعة إلى إبليس وآدم، وأمره إياهما بالهبوط من الجنة المذكورة في آية "طه" هذه جاء مبينا في غير هذا الموضع.

كقوله في سورة "البقرة": "وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين"، وقوله فيها أيضا: قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

وفي هذه الآيات سؤال معروف، وهو أن يقال : كيف جيء بصيغة الجمع في قوله اهبطوا، في " البقرة" و "الأعراف" وبصيغة التثنية في "طه" في قوله: اهبطا مع أنه أتبع صيغة التثنية في "طه" بصيغة الجمع في قوله فإما يأتينكم مني هدى وأظهر الأجوبة عندي عن ذلك: أن التثنية باعتبار آدم وحواء فقط، والجمع باعتبارهما مع ذريتهما".

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تسلل إلى الجنة كيف تسلل إلى الجنة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 16:28 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
  مصر اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon