توقيت القاهرة المحلي 22:02:21 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دمع الأسيف

  مصر اليوم -

دمع الأسيف

بقلم - د. محمود خليل

خط الصلة الذي يربط ما بين نظرة "النقشبندية" إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه كأب مؤسس لطريقتهم في الذكر، وانتماء الشيخ محمد رفعت إلى هذه الطريقة من الخيوط التي تستحق التأمل. فالشيخ كان من المغرمين باقتناء الكتب، ويحرص على شراء كل جديد منها، ويعتمد على أولاده في قراءة ما فيها، والواضح -من تحليل تركيبته الشخصية- أنه كان شديد الشعف بالقراءة عن تاريخ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، بحثاً عن القدوة فيهم، وقد كان النبي يقول: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".

ويبدو أن الشيخ رفعت كان يجد نموذج إيمانه في شخصية أبي بكر الصديق، رضي الله عنه.

والمتأمل في سيرة أبي بكر يجد أن التركيبة الجسمية لشخص أبي بكر تشير إلى أنه كان شخصاً نحيفاً معروقاً، أي تظهر عروق جسده من يديه بسبب نحافته البالغة، التي كانت تبرز في ساقيه أيضا، عاني من انحناءة أو ميل في الظهر، غائر العينين، يميل لونه إلى البياض المختلط بصفرة الوجه.

التكوين العام لأبي بكر رضي الله عنه كانت تؤشر إلى ضعف بنيته الجسدية، لذلك لم يكن أبو بكر برجل اشتباك، وليس ثمة ما يشير إلى أنه اهتم بالأوضاع السياسية داخل مكة قبل بعثة النبي، بل انصرف اهتمامه الأكبر إلى التجارة، ومال إلى العزلة بعد أن ينهي عمله. وليس أدل على ذلك مما أشار إليه "ابن كثير" من أن أبا بكر حرم الخمر على نفسه قبل بعثة النبي، وأغلب الظن أن المسألة لم تكن مسألة تحريم، لكنها ارتبطت في الأساس بالتكوين النفسي والجسدي للرجل، فميله إلى العزلة دفعه إلى الزهد في مجالس الخمر التي كان عرب مكة ينصبونها مساء، كما أن ضعف بنيته الجسدية دعاه إلى الاحتراز مما قد يضعفها أكثر.ولعلك قرأت ما ذكره "ابن كثير" في كتابه "البداية والنهاية" من أن أبا بكر بنى له بعد أن دخل الإسلام مسجدا عند باب داره يتعبد ويصلي فيه، وكان المسجد لخاصة نفسه ولم يكن للناس عامة.

وأيضاً ما ذكره عن وصف "عائشة" لأبيها رضي الله عنهما من أنه رجل أسيف، وقيل في معنى "أسيف" أنه الرجل ضعيف البنية متهالك الصحة، أو الرجل الخاشع المتبتل الضعيف أمام خالقه. والصفتان ينطبقان على "الصديق"، كما تشهد على ذلك تجربته كإنسان. يضاف إلى ذلك المزج بين إحساس القلب وتأملات العقل في النظر إلى الأشياء، يشهد على ذلك موقفه في واقعة الإسراء والمعراج، حين سارع –دون الجميع- إلى تصديق الواقعة من منطلق أن قلبه يُصدّق صاحبها حين ينبئه الخبر الذي ينزل إليه من السماء، وبالتالي فمن العقل أن يصدق أن من يهبط إلى النبي بالخبر من السماء قادر بالبداهة على اصطحابه إليها، وحين خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس.

وقال: "إن الله عز وجل خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عنده"، ففهم أبو بكر الرسالة، وعلم بقرب صعود النبي إلى ربه.الواضح أن الشيخ محمد رفعت كان يضع سيرة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق أمام عينيه، فقد كان الشيخ محمد رفعت نحيف البنية، ميالاً إلى العزلة والتأمل، يحس الأشياء بقلبه، وينظر فيها بعقله، يحب التعبد والتقرب إلى الله تعالى، وكان مثل -أبي بكر- يبكي من فرط تأثره بالمعاني الجليلة للقرآن الكريم. وقد حكى الشيخ "أبو العينين شعيشع" في حوار تليفزيوني له مع الشاعر "أحمد فؤاد نجم" أن عيني الشيخ رفعت كانتا تفيضان بالدمع وهو يقرأ آيات الذكر الحكيم، لأنه كان يحس كل حرف فيها، ويذوب فيه قلبه، ويتأمله بعقله، فيفيض دمعه، رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دمع الأسيف دمع الأسيف



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon