توقيت القاهرة المحلي 21:02:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دمع الأسيف

  مصر اليوم -

دمع الأسيف

بقلم - د. محمود خليل

خط الصلة الذي يربط ما بين نظرة "النقشبندية" إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه كأب مؤسس لطريقتهم في الذكر، وانتماء الشيخ محمد رفعت إلى هذه الطريقة من الخيوط التي تستحق التأمل. فالشيخ كان من المغرمين باقتناء الكتب، ويحرص على شراء كل جديد منها، ويعتمد على أولاده في قراءة ما فيها، والواضح -من تحليل تركيبته الشخصية- أنه كان شديد الشعف بالقراءة عن تاريخ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، بحثاً عن القدوة فيهم، وقد كان النبي يقول: "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم".

ويبدو أن الشيخ رفعت كان يجد نموذج إيمانه في شخصية أبي بكر الصديق، رضي الله عنه.

والمتأمل في سيرة أبي بكر يجد أن التركيبة الجسمية لشخص أبي بكر تشير إلى أنه كان شخصاً نحيفاً معروقاً، أي تظهر عروق جسده من يديه بسبب نحافته البالغة، التي كانت تبرز في ساقيه أيضا، عاني من انحناءة أو ميل في الظهر، غائر العينين، يميل لونه إلى البياض المختلط بصفرة الوجه.

التكوين العام لأبي بكر رضي الله عنه كانت تؤشر إلى ضعف بنيته الجسدية، لذلك لم يكن أبو بكر برجل اشتباك، وليس ثمة ما يشير إلى أنه اهتم بالأوضاع السياسية داخل مكة قبل بعثة النبي، بل انصرف اهتمامه الأكبر إلى التجارة، ومال إلى العزلة بعد أن ينهي عمله. وليس أدل على ذلك مما أشار إليه "ابن كثير" من أن أبا بكر حرم الخمر على نفسه قبل بعثة النبي، وأغلب الظن أن المسألة لم تكن مسألة تحريم، لكنها ارتبطت في الأساس بالتكوين النفسي والجسدي للرجل، فميله إلى العزلة دفعه إلى الزهد في مجالس الخمر التي كان عرب مكة ينصبونها مساء، كما أن ضعف بنيته الجسدية دعاه إلى الاحتراز مما قد يضعفها أكثر.ولعلك قرأت ما ذكره "ابن كثير" في كتابه "البداية والنهاية" من أن أبا بكر بنى له بعد أن دخل الإسلام مسجدا عند باب داره يتعبد ويصلي فيه، وكان المسجد لخاصة نفسه ولم يكن للناس عامة.

وأيضاً ما ذكره عن وصف "عائشة" لأبيها رضي الله عنهما من أنه رجل أسيف، وقيل في معنى "أسيف" أنه الرجل ضعيف البنية متهالك الصحة، أو الرجل الخاشع المتبتل الضعيف أمام خالقه. والصفتان ينطبقان على "الصديق"، كما تشهد على ذلك تجربته كإنسان. يضاف إلى ذلك المزج بين إحساس القلب وتأملات العقل في النظر إلى الأشياء، يشهد على ذلك موقفه في واقعة الإسراء والمعراج، حين سارع –دون الجميع- إلى تصديق الواقعة من منطلق أن قلبه يُصدّق صاحبها حين ينبئه الخبر الذي ينزل إليه من السماء، وبالتالي فمن العقل أن يصدق أن من يهبط إلى النبي بالخبر من السماء قادر بالبداهة على اصطحابه إليها، وحين خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس.

وقال: "إن الله عز وجل خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عنده"، ففهم أبو بكر الرسالة، وعلم بقرب صعود النبي إلى ربه.الواضح أن الشيخ محمد رفعت كان يضع سيرة الخليفة الراشد أبي بكر الصديق أمام عينيه، فقد كان الشيخ محمد رفعت نحيف البنية، ميالاً إلى العزلة والتأمل، يحس الأشياء بقلبه، وينظر فيها بعقله، يحب التعبد والتقرب إلى الله تعالى، وكان مثل -أبي بكر- يبكي من فرط تأثره بالمعاني الجليلة للقرآن الكريم. وقد حكى الشيخ "أبو العينين شعيشع" في حوار تليفزيوني له مع الشاعر "أحمد فؤاد نجم" أن عيني الشيخ رفعت كانتا تفيضان بالدمع وهو يقرأ آيات الذكر الحكيم، لأنه كان يحس كل حرف فيها، ويذوب فيه قلبه، ويتأمله بعقله، فيفيض دمعه، رحمه الله.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دمع الأسيف دمع الأسيف



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
  مصر اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
  مصر اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 19:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
  مصر اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
  مصر اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 20:50 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض
  مصر اليوم - منة شلبي تقدم شمس وقمر في موسم الرياض

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
  مصر اليوم - نيسان تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان نيسمو الـ25

GMT 10:24 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 09:20 2024 الخميس ,08 شباط / فبراير

نصائح لعرض المنحوتات الفنية في المنزل

GMT 04:36 2024 الإثنين ,14 تشرين الأول / أكتوبر

فئات مسموح لها بزيارة المتحف المصري الكبير مجانا

GMT 15:44 2021 الجمعة ,22 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل حوار باتريس كارتيرون مع رزاق سيسيه في الزمالك

GMT 06:24 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

رينو 5 الكهربائية الجديدة تظهر أثناء اختبارها

GMT 08:54 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نادية عمارة تحذر الأزواج من مشاهدة الأفلام الإباحية

GMT 00:03 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

كيت ميدلتون ترسل رسالة لنجمة هندية بعد شفائها من السرطان

GMT 07:36 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon