توقيت القاهرة المحلي 22:45:33 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لماذا لا يقرأ «طه حسين» القرآن؟

  مصر اليوم -

لماذا لا يقرأ «طه حسين» القرآن

بقلم - د. محمود خليل

كان الدكتور طه حسين نموذجاً للشخصية شديدة الاعتزاز بالنفس، صلبة الرأس والمراس فيما تراه من رأى. وقد حدث صدام بينه وبين الشيخ محمد رفعت، حين جمعت بينهما الإذاعة. فقد كان العميد عضواً فى لجنة تقييم واختبار القراء بالإذاعة -كما يحكى «عبده فراج» فى كتاب «أصوات من نور»- وحينما طالب الشيخ «رفعت» بزيادة أجره رفض الدكتور طه حسين قائلاً: «هو يعنى الشيخ رفعت ده بيعمل إيه علشان يطلب زيادة أجره.. وهو بيألف فى القرآن ولا غيره؟».

لا نستطيع أن نؤكد هذه الرواية أو ننفيها، لكنها واردة، إذا أخذنا فى الاعتبار طبيعة شخصية الدكتور طه حسين، وميله إلى النقد اللاذع والحاسم، وأحياناً المستخف بالغير، فوجهة نظره أن الشيخ مجرد صوت يردد القرآن الكريم، مثل آلاف الأصوات، والفضل فيما يتلوه لله تعالى، الذى أنزل كتابه الكريم على رسول الله، صلى الله عليه وسلم. طبعاً غضب الشيخ «رفعت» غضباً شديداً بسبب هذا القول، فقال لمن أبلغه بذلك: إذا كان الأمر سهلاً هكذا فلماذا لا يقرأ طه حسين القرآن بصوته لنستمع إليه وننظر كيف يقرأ؟

رد الشيخ محمد رفعت بدا منطقياً وحاسماً أيضاً، فإذا كانت المسألة مجرد صوت يردد، وليس قلباً يشعر، ونفساً تذوب فى المعنى الذى تتلوه، فليقرأ الدكتور طه حسين القرآن فى الإذاعة ويريح المسئولين بها من أزمتها مع الشيخ رفعت.

وللإنصاف، كان الدكتور طه حسين متعسفاً فى هذا الرأى. فأى مطربة أو مطرب ممن كان يحب العميد الاستماع إليهم، ويضعون الشروط الحاسمة لكى يغنوا «وصلاتهم» عبر أثير الإذاعة، كانوا يرددون كلمات ألفها غيرهم على نغمات أبدعها غيرهم أيضاً، يأتى على رأس هؤلاء السيدة أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب، فالإبداع الصوتى والأداء هما أكثر ما يميزان مطرباً عن آخر، ومع الفارق فى التشبيه، ولله وكلام الله المثل الأعلى، فقد تميز الشيخ محمد رفعت، بشهادة كل معاصريه، وإقرار الأجيال التى تعاقبت داخل دول العالم الإسلامى بعد رحيله، بموهبة ربانية، وأداء روحانى يليق بجلال القرآن الكريم، وقدرة فذة على إبراز المعانى القرآنية بألوانها المختلفة من خلال طريقته فى الهبوط والصعود، والقرار والجواب، وتوظيف القراءات السبع التى أجادها، ولو كان الشيخ «رفعت» يقرأ القرآن الكريم كغيره، ما بقى صوت الخلود فى الوجدانين المصرى والعربى.

وظنى أن الدكتور طه حسين أحب الاستماع إلى القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد رفعت، وأعجب به، وأدرك عبقريته، وهو الرجل الذى استوعب موسيقى القرآن الكريم، وعرف أكثر من غيره كيف تفاعل «رفعت» مع تنويعاتها، وكيف عبّر عن معانيها. وربما يكون العميد قد أدرك فى أواخر حياته قيمة ومقام الشيخ محمد رفعت، ودأب على الاستماع إلى القرآن الكريم بصوته، خصوصاً بعد أن تعددت إذاعاته عبر محطة «القرآن الكريم» التى نشأت عام 1964. وقد قال العميد فى حوار أجرته معه الإذاعة الكويتية نصاً: «أستمع إلى إذاعة القرآن الكريم دائماً كلما وجدت فراغاً من الوقت». وفى حوار تليفزيونى له مع الأستاذة سميرة الكيلانى عام 1970 -أى قبل وفاته بثلاثة أعوام فقط- أكد أن أقرب كتاباته إلى عقله وقلبه هى كتاباته الإسلامية، وعلى رأسها كتاب «على هامش السيرة»، وقال إنه حاول عبر سطوره التعبير عن محبته لشخص النبى، صلى الله عليه وسلم، وكتاب «الوعد الحق» الذى تناول فيه سيرة عدد من صحابة النبى وإيمانهم العميق بالله ورسالته، وتضحياتهم الكبرى فى سبيل الدفاع عن الإسلام، بالإضافة إلى كتاب «مرآة الإسلام» و«الفتنة الكبرى» بجزأيه، وغيرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا لا يقرأ «طه حسين» القرآن لماذا لا يقرأ «طه حسين» القرآن



GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 17:17 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
  مصر اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 22:45 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية
  مصر اليوم - زينة تستعد للمشاركة في الدراما التركية

GMT 10:46 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الأربعاء 18 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 09:03 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مدينة العلا السعودية كنزاً أثرياً وطبيعياً يجذب السائحين

GMT 10:20 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات لا تُنسى لنادين نجيم في عام 2024

GMT 19:37 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

مروة صبري توجّه رسالة لشيرين عبد الوهاب بعد ابتزاز ابنتها

GMT 23:53 2013 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

إكسسوارات تضفي أناقة وتميُّزًا على مظهرك

GMT 11:54 2024 الإثنين ,06 أيار / مايو

أحذية لا غنى عنها في موسم هذا الصيف

GMT 04:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

السجن 50 عاما لامرأة أجبرت 3 أطفال على العيش مع جثة في أميركا

GMT 13:32 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

أرجو الإطمئنان بأن الآتي أفضل

GMT 13:13 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

اتفاقية بين مصر وموانئ دبي العالمية لتطوير منطقة حرة عامة

GMT 19:17 2021 الأربعاء ,16 حزيران / يونيو

التشكيل الرسمي لمباراة إنبي والبنك الأهلي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon