توقيت القاهرة المحلي 23:13:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

زفة مطرب

  مصر اليوم -

زفة مطرب

بقلم - محمود خليل

لو كان الناس ينشغلون بالمواهب العلمية قدر ما ينشغلون بالمواهب الغنائية لأصبحنا فى حال غير الحال.

لفتتنى حالة الاهتمام الجارف الذى أبدته مواقع التواصل الاجتماعى وبعض منصات الإعلام بالشاب الذى يعمل نقاشاً ويغنى وهو يؤدى عمله، ولست هنا فى سياق تقييم صوته، فقد سمعت له أغنية «بكرة يا حبيبى»، وكان إحساسى بها محملاً بإحساسى بوردة الجزائرية -رحمها الله- صاحبة هذه الأغنية، وقد يكون الحكم عليه أصوب حين يغنى مادة غنائية ولحنية خاصة به.

احتفاء غريب وعجيب قوبل به الشاب، عبّر هو شخصياً عن مفاجأته به، ومع كامل احترامى له ولموهبته ولعمله المبدع، أسأل: ماذا لو كان هذا الشاب مخترعاً، أو حقق إنجازاً علمياً استثنائياً، هل كان سيلقى نفس القدر من الاهتمام والحفاوة؟ التجربة تقول لا. فكم من شباب مخترع وقدم إسهامات مميزة فى المجالات العلمية داخل وخارج مصر، سمعنا عنهم بشكل عابر، ولم يلقوا الاهتمام الذى يستحقونه، والرعاية التى يتوجب على المجتمع ومؤسساته شمولهم بها.

المسألة هنا ليست مسألة ترجيح كفة العلم على الفن، أو العكس. فالمجتمع يحتاج إلى كليهما، وهما معاً يُعتبران مقياساً لحيوية المجتمع وقدرته على التطور. الفن بكل ألوانه مهم، وله وظيفته فى حياة البشر، لكن للعلم مكانته وأدواره فى نهضة المجتمعات، ولكى أكون أكثر تحديداً أشير إلى أن العلم هو الأصل، فالإنسان -منذ عصر آدم- بدأ رحلته فى الحياة بالتفكير والبحث عن حلول للمشكلات التى تواجهه وطرق تؤمّن احتياجاته، بعدها اخترع الناى وجلس يغنى.

ولو أنك قرأت حكاية «أدهم» ضمن رواية العالمى نجيب محفوظ «أولاد حارتنا»، فستجد أن الرجل كان يخلد إلى الراحة فى الحديقة والاستماع إلى أناشيد طيورها ويعزف على الناى تعبيراً عن سعادة نفسه حين كان يعيش فى البيت الكبير، ناعماً آمناً على قوته وسبل معيشته وراحته، وتبدلت أحواله حين قرر الأب طرده من البيت الكبير إلى الخلاء، ساعتها وجد نفسه أعزل فى مواجهة الحياة، فبدأ يجتهد حتى يقيم معيشته، ويرعى زوجته وابنيه، وأصبحت الحديقة والناى بالنسبة إليه ذكرى لأيام خوالٍ عاش فيها الراحة ونعم فيها بالرضا.

فالعلم الذى أصبح سلاح الإنسان الأول فى مواجهة مشكلات الحياة وتحدياتها له الأولوية على ما عداه، والأوجب أن يهتم المجتمع ومؤسساته بمن يجيدون فيه، ويجتهدون فى ساحته، خصوصاً إذا كان مجتمعاً يواجه العديد من المشكلات والتحديات، وأن يحتفى ناسه بمن يسهمون فى هذا السياق، أما الزفة التى شعر بها المصريون جميعاً مع اكتشاف «المطرب الجديد» فلا تعبّر عن إحساس حقيقى بالأولويات التى يجب أن نتبناها وأن ندافع عنها.

الفن تعبير عن حالة المجتمع، والمجتمعات المتقدمة المتنورة هى الأقدر على إنتاج فن حقيقى يساهم فى بناء وجدان عام أكثر نضجاً وارتكازاً، أما المجتمعات التى تختلط فيها الأولويات، ويزيغ فيها البصر، بحيث لا يستطيع أن يميز الأهم من الأقل أهمية، فهى تنتج فناً مختلطاً عشوائياً، وهى فى كل الأحوال مضطرة إلى أن تحن لقديمها وتستدعى أغانى الماضى، حين كان الفن يعبّر عن حالة أكثر تماسكاً وسلامة

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زفة مطرب زفة مطرب



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان
  مصر اليوم - اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 21:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 10:54 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 10:57 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يصبح أول رئيس أميركي يبلغ 82 عاماً وهو في السلطة

GMT 02:39 2019 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

رانيا محمود ياسين توضح قطع علاقتها بالبرامج التليفزيونية

GMT 09:28 2021 الأربعاء ,11 آب / أغسطس

المصري يعلن انتقال أحمد جمعة إلى إنبي

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إيمي سمير غانم تكشف عن خلاف حاد مع زوجها تحول إلى نوبة ضحك

GMT 12:25 2021 الإثنين ,08 شباط / فبراير

طريقة عمل أصابع الجبنة بالثوم

GMT 11:17 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح يتخذ أولى خطوات الرحيل عن ليفربول

GMT 02:40 2020 الثلاثاء ,23 حزيران / يونيو

تفاصيل إصابة ابن ماما سناء بفيروس "كورونا"

GMT 01:56 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

طريقة عمل البوريك التركي بأقل التكاليف

GMT 21:12 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

إليسا تروج لحفلها اليوم في بث مباشر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon