توقيت القاهرة المحلي 15:53:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قوت «الخديوى»

  مصر اليوم -

قوت «الخديوى»

بقلم - د. محمود خليل

بمناسبة الحديث عن لعبة «القوت والنبوت» قد يكون من المفيد استعادة الحديث عن آخر خديوى حكم مصر «عباس حلمى الثانى»، الذى اعتلى الحكم بعد وفاة أبيه عام 1892. كانت أول خطوة اتخذها الخديو الجديد بعد توليه الحكم الإطاحة بمصطفى فهمى رئيس الوزراء الذى يصفه قائلاً: «بدا لى أن وجود هذا الرجل على رأس الوزارة غير مقبول، وكانوا يأخذون عليه عدم تمسكه بمبادئ الإسلام، ولم يترك أى فرصة لكى يسخر من الإسلام ولمحاربة الباب العالى».

مصطفى فهمى كما تعلم هو والد صفية زغلول زوجة الزعيم سعد زغلول.

وتقييم عباس حلمى له يؤشر إلى المعايير التى كان يعتمد عليها فى اختيار رجاله، وأولها التمسك بمبادئ الإسلام، وثانيها الولاء للباب العالى فى إسطنبول.

وكان لتخلص عباس حلمى من مصطفى فهمى -رجل الإنجليز كما يصفه فى مذاكراته- أثر السحر فى نفوس المصريين الذين عبّر الخديو الجديد عن مشاركته لهم فى كراهية الإنجليز وكراهية من يعمل معهم أو لصالحهم، وقد بان ذلك فى مظاهرة الحب التى أحاطه بها أهالى القاهرة عندما ذهب لصلاة الجمعة فى الحسين، وقد توقف الخديو عباس حلمى طويلاً أمام هذا الحدث فى مذكراته.

كان لدى عباس حلمى وعى واضح ببسطاء المصريين يلخصه فى مذكراته قائلاً: «الشعب والفلاحون لا يأبهون من حيث المبدأ إلا بكل ما كان يمس خبزهم وهدوءهم بشكل مباشر».

تركيبة المواطن العادى كانت واضحة وهى جزء من تركيبة البسطاء فى كل زمان ومكان، إنه يحب وطنه حراً مستقلاً متقدماً، بشرط ألا يأتى ذلك على حساب خبز يومه وألا يقلق راحته.

فمعادلة «الخبز والهدوء» هى المعادلة الحاكمة له. وقد تحسنت الأحوال الاقتصادية فى عهد عباس الثانى مقارنة بالظروف التى سادت أواخر عصر إسماعيل وخلال عصر توفيق، وكان لهذا التحسن صدى طيب لدى الناس، لكنه من ناحية أخرى جعلهم يربطون باستمرار بين التمسك بمبادئ الإسلام -كما كان يردد عباس- وتحسن أحوال الحياة، وقد أعاد المصريون إحياء هذه العلاقة من جديد بعد الهجرة إلى بلاد النفط، رغم أن التمسك بالإسلام فى الحالتين كان ظاهرياً ولم يزد على الشعارات التى تتردد باللسان.

أحب شعب مصر عباس حلمى الثانى كما أحبوا الأول.

فقد كان الخديو الأخير لمصر يعلم المعادلة التى يدير بها شعبه والمتمثلة فى «الخبز والهدوء». أُعجب الشعب بموقفه الرافض لفرض الحماية البريطانية على مصر، رغم أنه لم يعبر من خلاله إلا عن دفاع عن تبعية المحروسة لدولة الرجل المريض (الدولة العثمانية)، وكان «حلمى» شديد الإخلاص لسلطانها.

فى كل الأحوال لم يكن المواطن العادى يفهم هذه التعقيدات، فكل ما يريده هو العيش والهدوء، ولا مانع من أن يوالى الخديو بعد ذلك من يريد، حتى ولو كانت الموالاة لسلطان عاجز، وليس يهم أن يحصل هذا العاجز على جزية من دولة تخضع شكلياً لولايته.

المهم أن تكون ديانته «مسلم»!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قوت «الخديوى» قوت «الخديوى»



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أحلام تتألق بإطلالة لامعة فخمة في عيد ميلادها

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:43 2022 الثلاثاء ,14 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تزداد أناقة بإطلالات فخمة وراقية

GMT 21:09 2021 الجمعة ,23 إبريل / نيسان

"وحيد القرن" أصغر ثقب أسود قريب من الأرض

GMT 19:35 2021 الثلاثاء ,23 آذار/ مارس

بورصة بيروت تغلق التعاملات على ارتفاع

GMT 05:47 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

تعرف على رسالة ياسر فرج الأخيرة لزوجته قبل وفاتها

GMT 15:13 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يصنع التاريخ بالأرقام في الدوري الإسباني

GMT 21:10 2020 الأحد ,27 كانون الأول / ديسمبر

بايرن ميونخ أفضل فريق في 2020 ضمن جوائز "غلوب سوكر"

GMT 13:03 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

طبيب يكشف عن والد طفل عروس بنها في حال حملها

GMT 03:22 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ريم سامي تتألق في مهرجان الجونة السينمائي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon