توقيت القاهرة المحلي 18:40:32 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الكِبر قمة الضلال

  مصر اليوم -

الكِبر قمة الضلال

بقلم - د. محمود خليل

يقول النبى محمد صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذرة من كبر».. ومثقال الذرة هو القدر التافه من أى شىء. والذرة كما تعلم أصل الأشياء، أو بالتعريف العلمى أصغر جزء من المادة.. تخيل هذا الوزن التافه من الكبر يحولُ بين الإنسان ورضا الله فى الدنيا والآخرة.

يتأكد المعنى السابق فى العديد من المواضع بالقرآن الكريم.. كما فى قوله تعالى: «وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَلَا يَجِدُونَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ وَلِياً وَلَا نَصِيراً».. وقوله تعالى: «إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِى الْمُجْرِمِينَ».. فالمستكبر مصيره الخذلان فى الدنيا، مهما صور له غروره أنه الأكثر سيطرة وتحكماً فى غيره من البشر، فمن يطيعه يفعل عن ضعف ووهن، وقد تنظر إليه فترى تزاحم الأنصار من حوله، ولكن مع أقرب «وقعة» له، تجد الكل ينفض من حوله، ولا تجد له ولياً ولا نصيراً.. أما مصيره فى الآخرة فالحساب الدقيق على استكباره فى الأرض بغير الحق، وجوره على خلق الله، ودفع ثمن إجرامه كاملاً.. فالاستكبار أصل الإجرام.

ويعتبر القرآن الكريم «الكبر» أصل المعصية. فقد كان سمة مميزة لإبليس الذى استكبر عن تنفيذ أمر ربه بالسجود لآدم: «قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِى مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ».. ومن اللافت أن «الغرور» كان المدخل الذى اعتمد عليه الشيطان فى إقناع آدم وحواء بمعصية الله، والأكل من الشجرة التى نهاهما الله عنها، تجد إشارة لذلك فى قوله تعالى: «فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ».. فأصل الغواية هو الكلام المخادع المضلل الذى يلقيه الأبالسة فى نفوس غيرهم فيملأونها بالكبر والغرور، فيتهيأ من يدخل هذه المصيدة للوقوع فى المعصية.

وذلك هو الفخ الذى نصبه «إبليس» بالضبط لآدم وحواء.وقد تواصلت هذه اللعبة على مدار تاريخ بنى آدم على الأرض، والقرآن الكريم قدم لنا نماذج متنوعة لها. فأصل ضلال «فرعون» هو مجموعة الأبالسة الذين أحاطوا به، والذين لم يملك أحدهم الجرأة على صفع غروره، ووضعه فى حجمه، بل غذوا بذرة الكبر النابتة بداخله، ورعوها حتى كبرت، وسحقت الجميع، وذلك فى اللحظة التى أعلن فيها فرعون نفسه إلهاً من دون الله، فأطاعه من حوله.

مفتاح شخصية «فرعون» تجده فى الآية الكريمة التى وصفه فيها نبى الله موسى قائلاً: «إِنِّى عُذْتُ بِرَبِّى وَرَبِّكُم مِّن كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَّا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ».. فالكبر يُنسى الإنسان ربه فيسكنه الغرور، ويصرف الإنسان عن الإيمان بالآخرة، فينسى الحساب.. وليس ثمة من نتيجة لنسيان الحساب أبشع من الفساد فى الأرض.على العاقل أن يتواضع ويفهم حجمه كمجرد ذرة فى هذا الكون لا تساوى شيئاً قياساً إلى الأرض أو الجبال: «وَلَا تَمْشِ فِى الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكِبر قمة الضلال الكِبر قمة الضلال



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 09:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف
  مصر اليوم - دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:52 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
  مصر اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 10:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية
  مصر اليوم - واتساب يتيح تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص تشمل العربية

GMT 11:07 2020 الجمعة ,24 كانون الثاني / يناير

سعر الذهب في مصر اليوم الجمعة 24 كانون الثاني يناير 2020

GMT 00:28 2019 الجمعة ,06 كانون الأول / ديسمبر

خالد النبوي يكشف كواليس تدريباته على معارك «ممالك النار»

GMT 14:08 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحوت" في كانون الأول 2019

GMT 00:09 2019 الأحد ,01 كانون الأول / ديسمبر

ارتدي جاكيت الفرو على طريقة النجمات

GMT 20:08 2019 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة تصدر 9 قرارات تهم المصريين "إجازات وتعويضات"

GMT 08:01 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

عرض فيلم "الفلوس" لتامر حسني أول تشرين الثاني

GMT 08:44 2019 الإثنين ,16 أيلول / سبتمبر

إنجي علي تفاجئ فنانا شهيرا بـ قُبلة أمام زوجته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon