توقيت القاهرة المحلي 14:42:22 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الإنسان العاري

  مصر اليوم -

الإنسان العاري

بقلم - د. محمود خليل

ليس لديك ما يمكن أن تحتفظ به لنفسك.. ففى عصر المعلومات أصبحت عرياناً أمام العالم الافتراضى.. فحركاتك وتحركاتك على المواقع مرصودة ومخزّنة فى ملفات على اللاب أو الموبايل الخاص بك من خلال برامج التعرف على البيانات الشخصية الموجودة على المواقع، أو عبر خوارزميات الذكاء الاصطناعى التى تتتبع خرائط الموضوعات التى تبحث عنها، وبمجرد ما تشم أو تلمح اهتمامك بموضوع معين، حتى تغرقك بسيل من المعلومات ذات الصلة به.. مؤكد أنك عانيت ما أقول مرة، إذا تصادف وبحثت عن دواء، أو جهاز ما، أو نوع من الملابس، أو الأطعمة، أو الفيديوهات، أو غير ذلك، فبمجرد ما تفعلها مرة حتى تغرق بعدها فى طوفان من المعلومات ذات الصلة، فتغرق فى أنواع مختلفة من الأحذية إن كنت تبحث عن حذاء، والأدوية إذا كنت تبحث عن دواء، والأجهزة إن كنت تبحث عن جهاز.. وهكذا.

إنه زمن الذكاء الاصطناعى، أو زمن الآلة التى لا تتفاهم ولا تحس ولا تشعر، إنها فقط تؤدى عملها، وتغرقك بالمعلومات اللازمة وغير اللازمة.. والمعلومات إذا زادت عن حدها أو تجاوزت حداً معيناً فإنها تتحول إلى آلة عكسية، فبدلاً من أن تؤدى إلى الاتزان المعرفى تتسبب فى نوع من الارتباك.. فعلى سبيل المثال حين تطلب معلومة عن مرض معين، فقد تجد نفسك غارقاً بعدها فى سيل من الفيديوهات التى تحمل معلومات، يختلط فيها الغث بالسمين، والدقيق بغير الدقيق، والصحيح بالخاطئ وهكذا، وبدلاً من أن تصبح المعلومات أداة للإرشاد تتحول إلى وسيلة للإرباك.

المسألة طبعاً لا تتوقف عند لعبة المواقع ومنصات التواصل الاجتماعى التى تكتشفك أو تكشفك أو تعريك ثم تغزوك، إنها تتصل أيضاً بأبسط الأمور بما فى ذلك تليفونك الذى تحمله فى يدك آناء الليل وأطراف النهار.. فما أكثر ما يرن لتجد على الطرف الآخر شخصاً -لا تعرف من أين أتى برقمك- وتجده يقدم لك عرضاً تجارياً، أو طلباً إنسانياً، لصالح جهة أو جمعية وغير ذلك.. قد يتسبب هذا التليفون فى التنكيد عليك، حين تجده يعرض عليك عرضاً لا يناسب إلا الأغنياء فى حين أنت من المتوسطين، أو يناسب أحد المتوسطين، فى حين تكون أنت أحد المحدودين، وهكذا.

إن الأدوات التى تيسرت لمعرفتك والتى تقضى أمامها عدداً لا بأس به من ساعات اليوم تحولت إلى أدوات تنكيد وعكننة بما تبثه إليك من معلومات، قد يكون الجهل به سبباً فى السعادة، مثل المعلومات التى تباغتك بها مواقع التواصل الاجتماعى، أو المكالمات المفاجئة المقتحمة، وتجعلك فريسة للاتصالات المزعجة، أو الرسائل الترويجية أو التسويقية التى تأتيك من كل حدب وصوب.

عصر المعلومات وفّر للإنسان أجهزة تتيح له المعلومات القادرة -فى بعض الأحوال- على التنكيد عليه أو إرباك تفكيره أو رفع مستوى قلقه وتوتره.. هذه الآفات لا ترتبط بالطبع بكل أنواع المعلومات التى يستقبلها الإنسان وتفيده، لكنها ترتبط بنسبة لا بأس بها منها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإنسان العاري الإنسان العاري



GMT 06:02 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 05:58 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 05:54 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 05:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 05:47 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 05:43 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 05:39 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 05:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

GMT 12:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 12:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 00:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
  مصر اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 04:08 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أوستن يبحث مع نظيره الإسرائيلي الأحداث في سوريا

GMT 10:04 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

بلينكن يطالب بتأمين أي مخزونات للأسلحة الكيميائية في سوريا

GMT 00:03 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

حكيمي علي رأس المرشحين للفوز بجائزة أفضل لاعب في أفريقيا

GMT 05:32 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

العملة المشفرة بتكوين تسجل مئة ألف دولار للمرة الأولى

GMT 15:09 2024 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

الحكومة المصرية تمنح أموالاً "كاش" لملايين المواطنين

GMT 17:19 2021 الثلاثاء ,17 آب / أغسطس

حكم صيام الأطفال يوم عاشوراء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon