توقيت القاهرة المحلي 10:22:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشِّرك أعظم الظلم

  مصر اليوم -

الشِّرك أعظم الظلم

بقلم - د. محمود خليل

جلس الحكيم «لقمان» يسدى إلى ولده عدداً من النصائح، كان على رأسها «النهى عن الشرك».. يقول الله تعالى: «وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ».

فى تقديرى أن الشرك الذى يمثل أعظم الظلم هو شرك الاعتماد، بمعنى الاعتماد أو التوكل على غير الله، والظن أن بيد مخلوق مثلك أن يحقق لك نفعاً أو يصيبك بضر، وأن مفاتيح حظك فى الحياة تقبع فى جيبه، فإذا أراد فتح، وإذا شاء أغلق. وظنى أن شرك الاعتماد شىء، وإحساس الإنسان بحب الأهل أو الأبناء أو الوطن أو أشياء أخرى فى الحياة شىء آخر. فالإنسان بطبعه ضعيف إزاء من ينتمى إليه، وما ومَن ينتمى له من أشياء أو أشخاص. وقد أشار القرآن الكريم إلى مسألة الضعف الإنسانى بشكل عام فى قوله تعالى: «وخُلِقَ الإنْسانُ ضَعِيفاً»، لكنه حذر فى الوقت نفسه من الاستغراق فيه حتى الضعف والهزال. فقد خلق الله تعالى للناس من أنفسهم أزواجاً، وجعل بينهم مودة ورحمة، ورزق الأزواج بالأبناء وجعلهم جزءاً من زينة الحياة الدنيا، لكنه نبه إلى أن خروج حب الأبناء والأزواج عن الحدود الموضوعية يمكن أن يتسبب للإنسان فى مشاكل كبرى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ».

شرك الاعتماد هو رأس الحماقة.. فأى منطق فى أن تعتمد على ضعيف مثلك، وأن تنسى صاحب الحول والقوة؟ إن الإنسان يظلم نفسه بذلك ظلماً عظيماً، ولذلك كان الشرك أعظم الظلم، فذلك الذى تتكل عليه لا يملك لنفسه شيئاً.. يقول الله تعالى: «قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ».. ويقول: «قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ».

اللجوء إلى شرك الاعتماد يمكن أن نصوره بإنسان يسند ظهره إلى الهواء، إنه لا محالة واقع. وليس أدل على ذلك مما يشكوه البعض من خذلان الآخرين لهم، وكيف أنهم شعروا فى لحظة أن ظهرهم إلى الهواء، وعليهم فى مثل هذه الأحوال ألا يلوموا إلا أنفسهم، بعد أن ظلموها ظلماً عظيماً.

إذا كان الكبر يعكس غرور القوة، فإن شرك الاعتماد على غير الله يعكس إحساساً وهمياً بالضعف، وهو وهمى لأن نقاط القوة فى البشر متعادلة، بشكل يجعل كل واحد منهم فى حاجة إلى الآخر، فما عندك ليس عند غيرك، وما عند غيرك من نقاط قوة، قد لا يكون عندك، وهكذا خلق الله البشر، كى لا يشركوا ببعضهم البعض، بل لمد جسور التعاون الإنسانى فيما بينهم.. يقول الله تعالى: «أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ».. هذه الآية تحمل المعادلة العبقرية لفهم الحياة الأكثر إنسانية والأكثر براءة من الشرك. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشِّرك أعظم الظلم الشِّرك أعظم الظلم



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 23:48 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يناقش إبعاد بعض وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله
  مصر اليوم - ترامب يناقش إبعاد بعض  وسائل الإعلام من البيت الأبيض مع نجله

GMT 10:20 2024 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن
  مصر اليوم - فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل آمن

GMT 03:10 2018 الثلاثاء ,01 أيار / مايو

داليدا خليل تستعد للمشاركة في الدراما المصرية

GMT 21:21 2015 الأربعاء ,15 إبريل / نيسان

أهالي قرية السلاموني يعانون من الغرامات

GMT 02:17 2016 الثلاثاء ,21 حزيران / يونيو

فوائد عصير الكرانبري لعلاج السلس البولي

GMT 01:18 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

سامسونج تكشف عن نسخة باللون الأحمر من جلاكسى S8

GMT 17:27 2022 الثلاثاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

أطعمة تمنع مرض الزهايمر أبرزها الأسماك الدهنية

GMT 15:02 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

ريلمي تعلن موعد إطلاق النسخة الجديدة من هاتف Realme GT Neo2T

GMT 13:46 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

رامي جمال يروج لأغنية "خليكي" بعد عودة انستجرام

GMT 04:47 2021 الأربعاء ,08 أيلول / سبتمبر

{غولدمان ساكس} يخفض توقعات نمو الاقتصاد الأميركي

GMT 05:00 2021 الأربعاء ,14 تموز / يوليو

تفريغ 964 طن حديد في ميناء غرب بورسعيد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon