توقيت القاهرة المحلي 07:10:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحلم المستحيل

  مصر اليوم -

الحلم المستحيل

بقلم - محمود خليل

قدم الابن شمس الدين الناجى، والحفيد سليمان الناجى، نموذجين متباينين فى سياق محاولة إحياء سيرة ومسيرة «عاشور الناجى» فى حماية الحرافيش، اتفقا فى انخفاض منسوب «النُبل» لديهما عن «نهر النُبل» الذى جرى فى عروق الناجى الكبير، واختلفا بعد ذلك فى مدى قربهما أو بعدهما عن الحرافيش وأداء واجباتهما نحوهم.

اعتلى شمس الدين الناجى عرش الفتونة فى لحظة يأس أحس فيها الحرافيش أن زمان «عاشور» قد ولى، وأن عهد القوة النبيلة انتهى وعصر القوة الغشومة يؤذن بالرجوع، التف الحرافيش من حوله، وكان عند حسن ظنهم به، فأعاد فى بداياته الأولى سيرة عاشور الناجى فى العدل، ومنحهم المزيد من فرص الحياة، ووزع عليهم ما جمعه من أعيان الحارة وتجارها بالعدل والقسطاس المستقيم، لكنه عاش يبحث عن حلم «القوة الخالدة» التى لا يفنيها العمر ولا يدمرها الزمن. على تخوم هذا الحلم المستحيل عاش «شمس الدين».

حكيت لك أن نجيب محفوظ بدا متأثراً بعض الشىء بمفهوم المستبد العادل الذى نظّر له الشيخ محمد عبده وهو يرسم شخصية «عاشور الناجى»، وأن ظلال شخصية محمد على كانت تتسكع فى رأس «الإمام» وهو يؤصل للمفهوم، فهل يمكن القول بأن الأديب العالمى كان متأثراً بشخصية ما وهو يرسم صورة فتوة الحرافيش الجديد «شمس الدين الناجى»؟. وهل يصح أن تكون هذه الشخصية هى الرئيس الراحل جمال عبدالناصر؟

قد يكون. فـ«عبدالناصر» بدأ رحلته فى الحكم بتوزيع أراضى الأعيان على الفلاحين، كجزء من خطته فى تخليص مصر من الإقطاع، وبعدها سار على طريق التأميم، وكل مشروع كان يتم تأميمه كان يتم الإعلان عن نقل ملكيته إلى الشعب، والشعب هو العمال والفلاحون والطلبة والموظفون والمثقفون، الذين تعاملت معهم الدولة كـ«عيالها» المطلوب منها حمايتهم ورعايتهم، تماماً مثلما كان «شمس الدين»، وريث الناجى الكبير، يرعى حرافيش الحارة، ولكن هل كان «عبدالناصر» يطارد هو الآخر حلماً مستحيلاً؟

لا خلاف على أن «عبدالناصر» عاش يطارد حلماً ببناء دولة قوية، وعاش الحلم معه بسطاء المصريين الذين اشتعل وجدانهم بشعارات المرحلة التى تتحدث عن الدولة القائدة القادرة القاهرة، تمكن «ناصر» من نفح البسطاء العديد من المكاسب، لكنه لم يستطع أن يحقق الحلم، ظل يطارده دون جدوى، تماماً مثلما فعل شمس الدين الناجى الذى يجرى وراء حلم «القوة الخالدة»، وكان يرتعد حين يلمح شعرة بيضاء تنبت وسط شعره الأسود الكثيف، أو يشعر بنوع من الخور أو التهاوى وهو يدرب ابنه «سليمان» على مهارات الفتونة، لكنه ظل يقاتل حتى اللحظة الأخيرة من حياته، وجاءت نهايته فى معركة حاول أن يخوضها دون أن يملك إمكانياتها، بعد أن باتت الحارة تستظل عملياً بفتونة سليمان الناجى، تحمس العجوز الذى غلبه الزمن ولم يدر أن «نبوته» لم يعد يسعفه، وأن جسده ناء بحمل روحه المتمردة، ولحق بابنه وهو يعارك أحد الفتوات وانطلق يضرب يميناً وشمالاً ولكن سرعان ما خر جريحاً، وخارت ساقاه فلم تعودا قادرتين على حمله، تهاوى فلحقت به الأيادى من حوله وحملته إلى بيته ليجود فيها بما تبقى له من أنفاس الحياة ويلقى وجه ربه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحلم المستحيل الحلم المستحيل



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 23:13 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
  مصر اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 10:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
  مصر اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 04:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
  مصر اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 09:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 04:48 2019 الإثنين ,08 إبريل / نيسان

أصالة تحيى حفلا في السعودية للمرة الثانية

GMT 06:40 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

محشي البصل على الطريقة السعودية

GMT 04:29 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

روجينا تكشّف حقيقة مشاركتها في الجزء الثالث من "كلبش"

GMT 19:36 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

تقنية الفيديو تنصف إيكاردي نجم إنتر ميلان

GMT 13:02 2018 الإثنين ,02 إبريل / نيسان

علماء يكشفون «حقائق مذهلة» عن السلاحف البحرية

GMT 20:26 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

إيران توقف “تليجرام” لدواع أمنية

GMT 22:47 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

مبابي يغيب عن نادي سان جيرمان حتى الكلاسيكو

GMT 21:12 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

الزمالك يحصل على توقيع لاعب دجلة محمد شريف
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon