توقيت القاهرة المحلي 13:49:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملاك وشيطان

  مصر اليوم -

ملاك وشيطان

بقلم - محمود خليل

«وملايكة الرحمن كانت لنا ندمان.. بالصفح والغفران جاية تبشرنا».. هل تذكر هذه الكلمات البديعة التى رسم بها «بيرم التونسى» أحد مشاهد الحج إلى بيت الله الحرام؟. الحديث عن رؤية البشر للملائكة يبدو لأول وهلة خيال شعراء، لكنك لو تمهّلت قليلاً وراجعت كتب التراث فسوف تجد الأمر غير ذلك.

فملاك الوحى جبريل عليه السلام كان يتشكل أيام البعثة فى صورة إنسان عادى تنطبع عليه صورة «دحية الكلبى»، أحد صحابة النبى، صلى الله عليه وسلم، وصور أخرى كثيرة. يذهب «ابن كثير» فى «البداية والنهاية» إلى أن سيدنا جبريل كان يأتى إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فى صفات متعدّدة، فتارة يأتى فى صورة دحية بن خليفة الكلبى، وتارة فى صورة أعرابى، وتارة فى صورته التى خلق عليها. ومسألة انطباع صورة «دحية» على أمين الوحى كانت متكرّرة بصورة كانت دفعت الصحابة فى بعض الأحيان إلى نوع من اللخبطة وهم يجدون النبى، صلى الله عليه وسلم، جالساً مع «دحية» فيظنون أنه هو، ثم يفاجأون بأنه «جبريل» والعكس.

قد يذهب البعض إلى أن ما تحكيه كتب التراث حول «دحية وأمين الوحى» أقرب إلى مفهوم «العجائبية الواقعية» التى تتناقض مع التفكير العقلانى، لكن علينا ألا ننسى أن هناك آية فى سورة «مريم» تحكى عن «جبريل» عليه السلام، حين تمثل للصديقة مريم بشراً سوياً: «فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا»، ويجمع المفسرون على أن المقصود فى هذه الآية هو أمين الوحى جبريل.

فى المقابل، تجد أن كتب التراث تذكر أيضاً أن الشيطان كان يتشكل لمشركى مكة فى صورة شيخ من نجد، ظهر ذلك فى سردية الاجتماع الذى عقده كبار المشركين لاتخاذ قرار بشأن النبى، قبل أن يلحق بالمؤمنين الذين سبقوه بالهجرة إلى المدينة. فقد وجد المؤتمرون شيخاً جليلاً مجهولاً يقف لهم على باب «دار الندوة» -مكان الاجتماع- فسألوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذى اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا يعدمكم منه رأياً ونصحاً.

والشيخ النجدى (الشيطان) هو الذى امتدح المقترح الذى تقدم به «أبوجهل» بإخراج فتى جليد نسيب من كل قبيلة، ليضربوا محمداً، صلى الله عليه وسلم، بسيوفهم ضربة رجل واحد، فيضيع دمه بين القبائل، ولا يجرؤ بنو عبدمناف على محاربة قومهم جميعاً.

ما حكاه مؤرخو السيرة النبوية عن الشيخ النجدى يعنى أن المسلمين حينذاك كانوا يرون «إبليس»، كما يرون «أمين الوحى»، وإلا كيف نقلوا أخباره؟ لكنهم فى المقابل لم يحدّدوا هل كان المشركون يشاهدون جبريل وهو يتشكل فى صورة «دحية» أم لا؟

بنص القرآن الكريم يمكن أن يتمثل جبريل، عليه السلام، بشراً سوياً، أما إبليس فأمره غير ذلك، وللمصريين مثل يقول «إبليس يقول لك يا بابا»، ويردّدونه فى وصف بشر يتقمّصون دور إبليس، بل يتفوقون عليه فى إفساد وتخريب الحياة، وكأن ذلك كان لسان حال المؤمنين فى مكة وهم يصفون أبا جهل الذى اهتدى أخيراً إلى طريقة حاسمة وآمنة فى التخلص من محمد، صلى الله عليه وسلم، وهى طريقة حيّاه عليها «باباه إبليس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاك وشيطان ملاك وشيطان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:36 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:09 2024 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

مميزات كثيرة لسيراميك الأرضيات في المنزل المعاصر

GMT 05:00 2024 الثلاثاء ,08 تشرين الأول / أكتوبر

بوجاتي تشيرون الخارقة في مواجهة مع مكوك فضاء

GMT 05:50 2024 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

تسلا تنشر صور للشاحنة سايبرتراك باختبار الشتاء

GMT 13:06 2021 الأحد ,03 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي عضو لجنة تحكيم الأفلام الطويلة بمهرجان الجونة

GMT 20:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

رسميًا إيهاب جلال مديرًا فنيا لنادي بيراميدز
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon