توقيت القاهرة المحلي 04:29:43 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ملاك وشيطان

  مصر اليوم -

ملاك وشيطان

بقلم - محمود خليل

«وملايكة الرحمن كانت لنا ندمان.. بالصفح والغفران جاية تبشرنا».. هل تذكر هذه الكلمات البديعة التى رسم بها «بيرم التونسى» أحد مشاهد الحج إلى بيت الله الحرام؟. الحديث عن رؤية البشر للملائكة يبدو لأول وهلة خيال شعراء، لكنك لو تمهّلت قليلاً وراجعت كتب التراث فسوف تجد الأمر غير ذلك.

فملاك الوحى جبريل عليه السلام كان يتشكل أيام البعثة فى صورة إنسان عادى تنطبع عليه صورة «دحية الكلبى»، أحد صحابة النبى، صلى الله عليه وسلم، وصور أخرى كثيرة. يذهب «ابن كثير» فى «البداية والنهاية» إلى أن سيدنا جبريل كان يأتى إلى النبى، صلى الله عليه وسلم، فى صفات متعدّدة، فتارة يأتى فى صورة دحية بن خليفة الكلبى، وتارة فى صورة أعرابى، وتارة فى صورته التى خلق عليها. ومسألة انطباع صورة «دحية» على أمين الوحى كانت متكرّرة بصورة كانت دفعت الصحابة فى بعض الأحيان إلى نوع من اللخبطة وهم يجدون النبى، صلى الله عليه وسلم، جالساً مع «دحية» فيظنون أنه هو، ثم يفاجأون بأنه «جبريل» والعكس.

قد يذهب البعض إلى أن ما تحكيه كتب التراث حول «دحية وأمين الوحى» أقرب إلى مفهوم «العجائبية الواقعية» التى تتناقض مع التفكير العقلانى، لكن علينا ألا ننسى أن هناك آية فى سورة «مريم» تحكى عن «جبريل» عليه السلام، حين تمثل للصديقة مريم بشراً سوياً: «فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا»، ويجمع المفسرون على أن المقصود فى هذه الآية هو أمين الوحى جبريل.

فى المقابل، تجد أن كتب التراث تذكر أيضاً أن الشيطان كان يتشكل لمشركى مكة فى صورة شيخ من نجد، ظهر ذلك فى سردية الاجتماع الذى عقده كبار المشركين لاتخاذ قرار بشأن النبى، قبل أن يلحق بالمؤمنين الذين سبقوه بالهجرة إلى المدينة. فقد وجد المؤتمرون شيخاً جليلاً مجهولاً يقف لهم على باب «دار الندوة» -مكان الاجتماع- فسألوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهل نجد سمع بالذى اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا يعدمكم منه رأياً ونصحاً.

والشيخ النجدى (الشيطان) هو الذى امتدح المقترح الذى تقدم به «أبوجهل» بإخراج فتى جليد نسيب من كل قبيلة، ليضربوا محمداً، صلى الله عليه وسلم، بسيوفهم ضربة رجل واحد، فيضيع دمه بين القبائل، ولا يجرؤ بنو عبدمناف على محاربة قومهم جميعاً.

ما حكاه مؤرخو السيرة النبوية عن الشيخ النجدى يعنى أن المسلمين حينذاك كانوا يرون «إبليس»، كما يرون «أمين الوحى»، وإلا كيف نقلوا أخباره؟ لكنهم فى المقابل لم يحدّدوا هل كان المشركون يشاهدون جبريل وهو يتشكل فى صورة «دحية» أم لا؟

بنص القرآن الكريم يمكن أن يتمثل جبريل، عليه السلام، بشراً سوياً، أما إبليس فأمره غير ذلك، وللمصريين مثل يقول «إبليس يقول لك يا بابا»، ويردّدونه فى وصف بشر يتقمّصون دور إبليس، بل يتفوقون عليه فى إفساد وتخريب الحياة، وكأن ذلك كان لسان حال المؤمنين فى مكة وهم يصفون أبا جهل الذى اهتدى أخيراً إلى طريقة حاسمة وآمنة فى التخلص من محمد، صلى الله عليه وسلم، وهى طريقة حيّاه عليها «باباه إبليس».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاك وشيطان ملاك وشيطان



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon