توقيت القاهرة المحلي 12:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«الويل لمن يسقط»

  مصر اليوم -

«الويل لمن يسقط»

بقلم - محمود خليل

جملة عميقة الدلالة قالها الجد «محتشمى زايد» لنفسه فى رواية «يوم قتل الزعيم» لنجيب محفوظ: «الويل لمن يسقط». شيخ طاعن فى السن يعيش مع ولده وزوجته وحفيده، لا متعة له فى الحياة سوى العبادة والطعام.

يسير وفوق ظهره ثمانون عاماً، عاشها بحلوها ومرها، خيرها وشرها، ويحلم بأن يحين أجله وهو مرتكز على قدميه، فالويل ثم الويل له إذا سقط مريضاً، فليس ثمة من يرعاه، الابن يعمل فى وظيفتين حتى يستطيع الوفاء باحتياجات بيته، وزوجته تعمل كذلك، وحفيده موظف فى مقتبل حياته، أما الجد الأكبر فله معاشه، كل الجنيهات التى تتجمع من هذه المصادر المتعددة باتت لا تكفى فى زمن الانفتاح الذى تشتبك الرواية مع التحولات التى أحدثها فى المجتمع المصرى أواخر السبعينات.

رأى الشيخ الثمانينى الويل كل الويل فى السقوط مريضاً، فانشغال كل من فى البيت فى اللهاث وراء لقمة العيش وخلف أحلام الاستهلاك التى ولّدها الانفتاح، لا يتيح الفرصة لأحد للتفرغ لرعايته إذا مرض، والاستعانة بممرضة أو الرقاد فى مستشفى من المستشفيات الاستثمارية الجديدة أمر مكلف يصعب على أسرة مثل أسرته تحمله.

عندما يصاب المجموع بسعار الاستهلاك، وتوزن فيه القيم بالمال، من الطبيعى جداً أن يشعر الإنسان بأنه يقف فوق أرض مهتزة، تميد به يميناً وشمالاً، والويل لمن لا يستطيع الحفاظ على توازنه فيسقط.

نجل «محتشمى زايد» كان يعمل مع زوجته فى إحدى شركات القطاع الخاص يربحان منها ما يقيمهما، ولكن أكثر ما يؤرق الشيخ هو ما يسمعه من أحاديث تدور بين الزوجين حول ما يتردد فى الشركة من أن القائمين عليها يفكرون فى الاستغناء عن بعض العاملين بها، توفيراً للمصاريف. 

إحساس قاتل، يكتوى به أى شخص مسئول عن أسرة، حين يسمع «حديث الاستغناء»، يعيش مؤرقاً به ليالى طوالاً، وإذا وقعت الواقعة وحدث المحظور فإنه يدخل إلى أسرته حاملاً عاره فوق رأسه، يدارى وجهه من أفرادها، وكأنه مذنب وليس ضحية.

كان محتشمى زايد يخشى أن تمتد الأيام المتبقية من عمره إلى هذه اللحظة فيشهد نجله «فواز» وهو يدخل عليه مجللاً بعار الاستغناء.. كيف سينظر الحفيد إلى أبيه، وكيف تتعامل الزوجة مع الموقف، وماذا يمكن أن يقول لابنه وقتها؟.. هل يمكن أن يواسيه.. أم أن وعيه بمآلات الأمور عندئذ سوف يعقد لسانه ويشله عن الطبطبة على ولده ولو بكلمة مواساة؟ «الويل لمن يسقط» مثلت العبارة المفتاحية التى يمكن أن تفهم شخصية «محتشمى زايد» بها فى رواية «يوم قتل الزعيم».

إنها جملة تحكى قصة قديمة متجددة يصبح العلاج فيها ترفاً لا يقدر عليه المريض، ويكون أمامه إحدى بوابتين: بوابة التحمل والتصبر بالدعاء إلى الله تعالى بالشفاء، وهو على كل شىء قدير، أو انتظار أمر الله، وكان أمر الله قدراً مقدوراً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«الويل لمن يسقط» «الويل لمن يسقط»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon