توقيت القاهرة المحلي 03:29:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القوة النبيلة

  مصر اليوم -

القوة النبيلة

بقلم - محمود خليل

فكرة «القوة النبيلة» حاضرة بقوة فى رواية «الحرافيش» التى كتب نجيب محفوظ حكاياتها العشر، وهى وحدها القادرة على مواجهة «القوة الغشومة»، التى يمثلها الفتوة الظالم الذى يستذل الحرافيش، وتعمل لحساب رجال المال والتجار الذين تنتشر وكالاتهم فى الحارة.

شاء الله أن تتجسّد فكرة «القوة النبيلة» على يد رجل التقطه أحد مشايخ الطريق من فوق رصيف الخطايا، هو عاشور الناجى، تحقّقت فيه كل سمات الحلم الحرافيشى الشهير بالفتوة العادل.

حباه الله ببنية جسدية فولاذية، له ذراعان قادران على البطش، وساقان قادران على الدهس، وهو فوق ذلك يتمتع بخُلق كريم، يأبى أن يستخدم قوته إلا فى ما يُرضى الله كما علمه شيخه.

نظر المستضعفون من حرافيش الحارة إلى عاشور الناجى نظرة إعجاب واستغراب فى آن واحد، فقد أعجبتهم قوته الفائضة الممزوجة بالبعد عن أذية خلق الله، ولكنهم استغربوا من هذا العملاق العتى كيف لا يوظّف قوته الهائلة فى عالم الفتونة التى تضمن له مالاً وفيراً يغنيه عن حياة التشرّد التى يعيشها بين الحرافيش.

لا أستطيع أن أحدّد على وجه الدقة مدى تأثر نجيب محفوظ بمفهوم المستبد العادل الذى تبناه الإمام محمد عبده وغيره من مفكرى الحقبة الخديوية وهو يرسم صورة «القوة النبيلة» مجسّدة فى شخصية عاشور الناجى، لكن التأثر وارد. وأغلب من تبنوا هذا المفهوم كان يتراقص فى مخيلتهم صورة الوالى محمد على باشا، الذى تعامل المصريون معه فى بدايات ظهوره على مسرح الأحداث بقدر كبير من الإعجاب والاستغراب، كما تعامل حرافيش الحارة مع عاشور الناجى.

أعجبهم تعاطفه معهم ودفاعه عن حقوقهم ضد ظلم المماليك، واستغربوا فى الوقت نفسه من ارتمائه فى أحضانهم فى وقت كان يملك فيه أن يكون جزءاً من تركيبة المماليك والانكشارية الجباة الظالمين.

وقد أثبتت التجربة أن المسألة لم تكن أكثر من حيلة من جانب الألبانى الطموح.

«عاشور الناجى» مثّل ثنائية المستبد العادل. ففى اللحظة التى تربّع فيها على عرش الفتونة تجسّد أمام الناس مفهوم القوة النبيلة، من خلال الرجل الذى أقام فتونته على أصول لم تُعرف من قبل، عاد إلى عمله الأول على العربة الكارو، وكسب رزقه من كد يده، وألزم كل تابع له بعمل يتعيش منه، ولم يفرض إتاوة إلا على الأعيان والقادرين ليُنفقها على الفقراء والعاجزين. وكما يقول نجيب محفوظ: «فى ظل العدالة الحنون تطوى آلام كثيرة فى زوايا النسيان، تزدهر القلوب بالثقة وتمتلئ برحيق التوت. ويسعد بالألحان من لا يفقه لها معنى، ولكن هل يتوارى الضياء والسماء صافية؟».

عاش «الحرافيش» فى ظل الحلم عدة سنوات نعمت الحارة فيها بالعدل «العاشورى»، ثم اختفى «عاشور» فجأة، بحث الناس عنه كثيراً، دون أن يعثروا عليه، واستقروا فى الختام على العيش على حلم عودته، واجتهد ابنه وحفيده شمس الدين ثم سليمان الناجى فى إعادة سيرته وتمثل أخلاقياته فى حماية الحرافيش من ظلم الأعيان ومنح فرص الحياة لهم، لكن الرياح كانت تأتى أحياناً بما لا تشتهيه السفينة الحرفوشية، فيسيطر على الحارة فتوات من أصحاب نظرية «القوة الغشومة»، كان الحرافيش أحياناً ما يواجهونهم بالأساليب الفوضوية المعتادة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القوة النبيلة القوة النبيلة



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon