توقيت القاهرة المحلي 04:16:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فى مسألة «التعليم»

  مصر اليوم -

فى مسألة «التعليم»

بقلم - محمود خليل


أزمة التعليم فى مصر قديمة قِدم معرفة المصريين للمدرسة ثم الجامعة. ميلاد التعليم فى مصر كان ذا طابع براجماتى بحت، عكس ميلاده فى الغرب الذى اتخذ طابعاً إيمانياً بقيمته وجدواه فى الخروج من ظلام العصور الوسطى إلى العصور الحديثة، والارتكان إليه كوسيلة للسيطرة على الحياة والطبيعة والبشر.

أذكر أننى حدثتك عن أن نشأة المدارس الأولية (الابتدائية والتجهيزية) والمدارس العليا فى عهد الوالى محمد على ارتبطت بأهداف تحديث الدولة، وإيجاد موظفين قادرين على العمل فى دواوين الحكومة والإشراف على أعمالها، وهو هدف مهم وجوهرى من أهداف أى تجربة تعليمية، لكن مشكلته أنه جعل المدرسة مفرخة للموظفين المهيَّئين للتعامل مع الدفاتر والمدونات الحكومية، دون أن تتمكن فكرة العلم فى حد ذاتها من عقولهم وأساليب تفكيرهم، وتصبح أفكاره وقواعده أساس نظرتهم للحياة وما يتفاعل فيها.

نظرة الأهالى إلى المدرسة منذ محمد على وحتى اللحظة الحالية براجماتية بامتياز أيضاً. فهى من وجهة نظر الغالبية مؤسسة للحصول على الشهادة، والشهادة وسيلة لنيل وظيفة، والوظيفة تضمن الدخل الثابت الذى يقى الفرد من تقلبات الحياة. ورغم تدنى أوضاع الموظفين، وعجز الشهادة فى الكثير من الأحيان عن تمكين صاحبها من الوظيفة، فإن قيمتها لا تزال باقية.

حقيقة اعتناء المجتمع بالشهادة أكثر من التعليم، وولع الحكومات بالكتبة المدجنين أكثر من المفكرين المبدعين، دفعت العديد من رواد الفكر فى القرن العشرين إلى محاولة تصحيح المفاهيم، وإعادة الاعتبار إلى التعليم مقابل الشهادة، والعلم مقابل التعليم، كمحاولة لجعل التفكير العلمى أساساً للنهضة الاجتماعية العامة، لكن أصواتهم بدت ضعيفة فى سوق الصخب الامتحاناتى والشهاداتى.

لك أن تراجع دعوات المفكر الراحل «سلامة موسى» إلى تمكين العلم والتفكير العلمى من العقل الاجتماعى العام، وتحسب ثمرتها، ثم تراجع كتاب «مجتمع جديد أو الكارثة» لزكى نجيب محمود الذى نبه فيه إلى وجود خلل فى فهم المعلمين والمتعلمين والقائمين على التعليم لأهداف المدرسة. فالتعليم من وجهة نظره ليس مجموعة من الأوراق التى تحمل معلومات يتم حشو عقل الطالب بها ليسترجعها فى الامتحان، ثم ينساها بعد ذلك، بل له أهداف أكبر بكثير تتعلق بتفاعل العقل مع الحياة.

قال زكى نجيب محمود إن تعليم الرياضيات ليس الهدف منه تدريب المتعلم على حل المسائل أو تطبيق النظريات الهندسية وفقط، بل يتجاوز ذلك إلى جعل التفكير الرياضى أساساً لتفاعل المتعلم مع الحياة، وقس على ذلك كل المقررات الأخرى. فمن التاريخ تتعلم قوانين السياسة وحركة الواقع وطبيعة الصراعات التى تتفاعل داخلياً وخارجياً، ومن الجغرافيا تتعلم أن العالم خريطة يتفاعل فيها البشر مع الأرض، وتفهم كيف تتحكم الجغرافيا فى التاريخ وكيف يسهم كلاهما فى صناعة المستقبل.

مشكلة التعليم فى مصر ببساطة أنه لم يخرج من المدرسة أو الجامعة إلى المجتمع، لم يخرج من أى من المؤسستين فى صورة بشر تغير فكره وسلوكه ونظرته إلى الحياة، بل كان ولا يزال يخرج -فى الأغلب- فى صورة ورقة رسمية تؤكد أن حاملها حاصل على شهادة، لكنها بحال لا تعد مؤشراً حاسماً على حصوله على علم أو تعليم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى مسألة «التعليم» فى مسألة «التعليم»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 11:46 2024 السبت ,14 كانون الأول / ديسمبر

مبابي أفضل لاعب فرنسي في موسم 2023-2024 ويعادل كريم بنزيما

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 09:07 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

GMT 09:32 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

إطلالات للمحجبات تناسب السفر

GMT 10:42 2018 الخميس ,19 إبريل / نيسان

بولندا خرقت القانون بقطع أشجار غابة بيالوفيزا

GMT 23:19 2018 السبت ,07 إبريل / نيسان

كلوب يحمل بشرى سارة بشأن محمد صلاح

GMT 01:19 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

لاتسيو يحتفظ بخدمات لويس ألبيرتو حتى 2022

GMT 07:17 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

وفاء عامر تبدي سعادتها لقرب عرض مسلسل الدولي

GMT 09:03 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

فيسبوك يُجهّز لتسهيل التطبيق للتواصل داخل الشركات الصغيرة

GMT 20:34 2018 الإثنين ,15 كانون الثاني / يناير

حبيب الممثلة المطلقة أوقعها في حبه بالمجوهرات

GMT 04:40 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

أشرف عبد الباقي يسلم "أم بي سي" 28 عرضًا من "مسرح مصر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon