توقيت القاهرة المحلي 12:40:01 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أساطير «ابن طولون»

  مصر اليوم -

أساطير «ابن طولون»

بقلم - محمود خليل

مسجد أحمد بن طولون هو أبرز وأخطر معلم بشارع الخضيرى. فوق ربوة جبل يشكر قرر الأمير أحمد بناءه ليميز مدينة القطائع التى جعلها عاصمة ملكه عن غيرها من بقاع المحروسة. هو واحد من أقدم وأكبر المساجد فى مصر وأكثرها اتساعاً، بما فى ذلك الجامع الأزهر الذى بُنى فى العصر الفاطمى، أى بعد ما يقرب من قرن من الزمان من بناء مسجد «ابن طولون».

تاريخياً يُعد أحمد بن طولون شخصية شديدة التركيب حين ننظر إليها ونتأمل سيرتها. فقد كان رجلاً طموحاً إلى أقصى حد، وهو أول أمير يتمكن من الاستقلال بحكم مصر عن دولة الخلافة (العباسية حينذاك) بعد الفتح العربى، وهو أيضاً سياسى قدير استطاع أن يمتص غضب الخليفة العباسى من مشروعاته الاستقلالية من خلال نفحه بالهدايا والعطايا والمال.

كانت الأساطير جزءاً لا يتجزّأ من تاريخ أحمد بن طولون حتى خلال حياته. فقد ارتبط ثراؤه بحكاية رواها «ابن إياس» تقول إنه عثر على كنز من كنوز الفراعنة، كان من الضخامة بحيث أمر الأمير بتعبئته فى شكائر كبيرة تحمل على ظهور الخيل. ويشير «ابن إياس» إلى أن الأمير كان مغرماً بالبحث عن الدفائن الفرعونية، وجعل هذا الأمر حكراً على الدولة ومنع الأهالى منه، وذهب إلى أن ثروته قُدّرت بعد وفاته بعشرة آلاف ألف ألف دينار (يعنى حوالى 10 مليارات دينار)، وعلى ما فى هذا الرقم من مبالغة إلا أنه يمنحنا مؤشراً على الثروة الكبيرة التى اقتناها «ابن طولون» بعد 12 عاماً من الحكم بدأها وهو لا يجد ما يسد رمقه.

سطور الحكايات التى اشتملت عليها كتب التاريخ وجدت صداها لدى الأجيال المتعاقبة من المصريين الذين عاشوا فى شارع الخضيرى وغيره من الشوارع المحيطة بمسجد «ابن طولون». وما أكثر ما تسمع من أساطير رواها الآباء والأجداد حوله. فارتباط عصر الأمير بالمال الوفير، ثم حالة الفقر التى عاشتها مصر بعد زوال دولته جعلت الكثيرين يتساءلون أين ذهبت الثروة الكبرى؟. أنشأ البعض أسطورة تقول إن ابن طولون أخفى ثروته فى رؤوس عدد من العرائس التى تزين السور العالى لمسجده الممتد، وإنها ما زالت قابعة بها حتى الآن. تساءل الناس أيضاً عن السر فى انصراف أهالى السيدة زينب عن الصلاة فى مسجد «ابن طولون» المشهور باتساعه، وميلهم إلى الصلاة فى مسجد الخضيرى أو مسجد صرغتمش المقابل له؟ واخترعوا إجابة أسطورية للسؤال ملخصها أن إحدى سيدات أهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، دعت عليه بانقطاع الصلاة فيه، حين شبهه البعض بمسجد النبى وتباهوا باتساعه.

الأسطورة مثّلت قدراً ارتبط بحياة أحمد بن طولون ورافقته بعد مئات السنين من رحيله، عاش الرجل بشخصية قلوقة، ميالة لى العزلة والتأمل، أنشأ لنفسه خلوة كان يعتزل الناس فيها لأيام، تقفز فى ذهنه الأسئلة فيرسل إلى مشايخ عصره ورهبان الأديرة، فيسألهم ويحاول الوقوف منهم على إجابة. وما أكثر ما احتار فى الإجابة عن السؤال الأزلى الأبدى: هل الإنسان «المسير بقدر الله» محاسب على ما تسوقه إليه الأقدار من قتل وظلم للعباد؟.

عاش أحمد بن طولون محبوباً من المصريين البسطاء الذين شغلتهم أمور الاقتصاد والمعايش، التى يسرها الأمير لهم، عن أمور السياسة. وعندما علموا بمرضه انزعجوا انزعاجاً شديداً ولما اشتد المرض عليه هرعوا إلى الصحارى -كما يصف ابن إياس- وفعلوا مثلما يفعلون فى الاستسقاء، فخرج الناس حفاة وعلى رؤوسهم المصاحف، وخرج اليهود وعلى رؤوسهم التوراة، وخرج المسيحيون وعلى رؤوسهم الأناجيل، وخرج الأطفال من المكاتب وعلى رؤوسهم الألواح، وخرج سائر العلماء والصلحاء وهم يدعون الله تعالى له بالعافية والشفاء، لكن من ذا الذى يقدر على منع الأجل حين يجىء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أساطير «ابن طولون» أساطير «ابن طولون»



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 00:26 2021 الأربعاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يضيف لسجله أرقاماً قياسية جديدة

GMT 10:18 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

شوربة الخضار بالشوفان

GMT 08:15 2020 الثلاثاء ,09 حزيران / يونيو

فياريال يستعين بصور المشجعين في الدوري الإسباني

GMT 09:19 2020 الجمعة ,24 إبريل / نيسان

العالمي محمد صلاح ينظم زينة رمضان في منزله

GMT 09:06 2020 الأربعاء ,22 إبريل / نيسان

تعرف علي مواعيد تشغيل المترو فى رمضان

GMT 12:50 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

علالو يؤكّد الجزائر "تعيش الفترة الأهم في تاريخ الاستقلال"

GMT 04:46 2019 الأحد ,29 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات ديكور المنازل في 2020 منها استخدام قطع أثاث ذكي

GMT 00:42 2019 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

بدء تصوير فيلم "اهرب يا خلفان" بمشاركة سعودية إماراتية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon