توقيت القاهرة المحلي 08:07:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أكل العيش مُر

  مصر اليوم -

أكل العيش مُر

بقلم - محمود خليل

أكل العيش مُر.. وقد يدفع فى أحوال الابن -رغماً عنه- إلى غُبن أبيه. ذلك أحد الدروس التى يمكن أن يخرج منها الإنسان وهو يتأمل حياة الفنان عزيز عثمان.. هل تذكر الرجل؟

عزيز عثمان هو صاحب أغنية «بطلوا ده واسمعوا ده.. ياما لسه نشوف وياما.. الغراب يا وقعة سودة.. جوزوه أحلى يمامة» فى فيلم «لعبة الست» للعظيم الراحل نجيب الريحانى.

هو فى الأصل مطرب له قدراته الصوتية والأدائية، ورث الطرب والغناء عن أبيه الموسيقى الكبير «محمد عثمان» الذى شدا بألحانه أعظم مطربى مصر فى القرن التاسع عشر وعلى رأسهم عبده الحامولى، لكنه كان موجوداً فى عصر أشهر ما تميز به هو مجموعة الحناجر الذهبية التى كانت تغذى الأذن المصرية بأجمل الأغانى والموشحات، وتتسابق على الإبداع فى تلاوة القرآن الكريم والإنشاد الدينى. وصف كمال النجمى فى كتابه «تراث الغناء العربى» صوت «عزيز عثمان» بالأجش والمنفر، رغم أن آخرين لم يروه كذلك، فكل صوت وله مذاقه. وأمام زهد السميعة فى صوته وإيثارهم لصوت أبيه محمد عثمان الذى تألق بالغناء ونافس صوت «الحامولى» اضطر الرجل إلى العمل فى السينما، مستخدماً قدراته الكوميدية اللامعة.

اعتمد عزيز عثمان فى أدائه الكوميدى على السخرية من فن الدور الذى مثَّل القالب الغنائى الشائع فى هذا الزمان، مثل الأدوار التى كان يؤديها أبوه. استوقفه كمال النجمى ذات يوم بعد أن سمعه فى أوبريت «اللى يقدر على قلبى» يغنى ساخراً من قالب الدور على عود محمد عبدالوهاب ويقول: «مربوط ع الدرجة التامنة.. والناس درجات.. ومرشح آخد التاسعة.. غير العلاوات»، عاتبه «النجمى» وقال له: أنت تسخر بهذا الأداء من أبيك محمد عثمان، فرد عليه: أكل العيش مر يا صاحبى. تكرر هذا الموقف بين النجمى وعزيز أكثر من مرة، وكان يقدم له الرد نفسه.

لم يكن عزيز عثمان يغبن أباه ولا الفن الذى قدمه الرائد الكبير، لكنه كان ابن وقته، ويريد أن يعيش بالقواعد والقوانين التى تحكم زمانه، كان غناء زمن «سى عبده» آخذاً فى الأفول، والسينما تزحف على كل شىء، والرجل يريد أن يجد لقدمه موضعاً يأكل منه «عيش» فاضطر إلى تقديم ما قدم.

العجيب أن الغناء الساخر الذى شدا به عزيز عثمان، ووصفه فى خجل بأنه مجرد وسيلة لأكل العيش وكاد يتبرأ منه، يحفظه الكثيرون حتى اللحظة. فأغنية «بطلوا ده واسمعوا ده» لا تزال عالقة بالذاكرة المصرية، ولا يزال البعض يستدعيها فى الأفراح على سبيل التندر والفكاهة، بل وهناك من المطربين من غناها بعد عقود طويلة من وفاة عزيز عثمان، غناها سمير صبرى، وأعاد حميد الشاعرى توزيعها وغناها مع فرقته. وفى الوقت الذى أصبح فيه فن محمد عثمان جزءاً من تاريخ الموسيقى والغناء، تمكن الفن الساخر -الذى كان صاحبه يؤديه لمجرد أكل العيش- من الاستمرار والبقاء.

إنها السخرية الخالدة المعبرة عن الإحساس المرير بالغبن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أكل العيش مُر أكل العيش مُر



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 02:08 2024 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا
  مصر اليوم - نتنياهو يعقد اجتماعًا أمنيًا لبحث التطورات في سوريا

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 21:40 2019 الخميس ,26 أيلول / سبتمبر

هزة أرضية بقوة 6.5 درجات تضرب إندونيسيا

GMT 02:54 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

خبراء يكشفون عن مخاطر تناول العجين الخام قبل خبزه

GMT 23:10 2019 الجمعة ,05 إبريل / نيسان

نادي برشلونة يتحرك لضم موهبة "بالميراس"

GMT 07:26 2019 الأحد ,20 كانون الثاني / يناير

حسابات التصميم الداخلي الأفضل لعام 2019 عبر "إنستغرام"

GMT 06:56 2019 الثلاثاء ,22 كانون الثاني / يناير

أب يُصاب بالصدمة بعدما استيقظ ووجد ابنه متوفيًا بين ذراعيه

GMT 11:35 2018 الإثنين ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تشيزني يبيًن ما دار مع رونالدو قبل ركلة الجزاء هيغواين

GMT 09:16 2018 الإثنين ,22 تشرين الأول / أكتوبر

زوجة المتهم بقتل طفليه "محمد وريان" في المنصورة تؤكد برائته

GMT 17:55 2018 الإثنين ,24 أيلول / سبتمبر

فستان ياسمين صبري يضع منى الشاذلي في موقف محرج
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon