توقيت القاهرة المحلي 20:27:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العربي المأزوم

  مصر اليوم -

العربي المأزوم

بقلم - د. محمود خليل

تعانى الشعوب العربية من أزمة جوهرها أنها «تحلم بمستقبل لا تملك أدواته»، فهى تحلم بأن تعيش مثل كل شعوب العالم المتقدّم التى تنعم باحترام حقوق الفرد، وعلى رأسها حقه فى اختيار من يمثله، وحرية الإبداع، ومبدأ تكافؤ الفرص، بالإضافة إلى توافر الخدمات الجيّدة، وإمكانية الحصول على الحد الأدنى من متطلبات المعيشة.

تستوى الشعوب العربية مع غيرها من شعوب العالم فى هذا الحلم، وكثيراً ما طالبت بتوفير معطياته، لكنها تختلف عن غيرها من الشعوب التى تمكنت من تحقيق معادلة الرضا عن حياتها، فى أنها لا تمتلك -فى أغلب الأحوال- الأدوات التى توافرت لغيرها.

على هذه الشعوب التى يندب أغلبها حظه أن تسأل نفسها عن موقفها من مسألة التعليم، وأوضاعها الثقافية وموقفها من الثقافة نفسها، ومساراتها الاقتصادية وما تهواه من مهن فى الحياة، وموقفها من المال كقيمة، وموقفها أيضاً من الكيفية التى يتم تحصيل المال بها.

عليها أيضاً أن تبحث فى الأخلاق السائدة لديها وموقفها منها، أيضاً لا بد أن تمتلك الجرأة، لتبحث فى أنماط التديّن السائدة بين أفرادها، ورؤاها والمفاهيم المسيطرة على العقل الدينى الشعبى، ومدى قُربها أو بُعدها عن المفاهيم القرآنية، ومن الضرورى أيضاً أن تتناول بأمانة موقفها من المستقبل الذى تحلم به وقيمته بالنسبة لها، مقارنة بنظرتها إلى التاريخ وأحداثه، وتعلقها بالماضى وذكرياته، ثم عليها بعد ذلك أن تناقش حقيقة موقفها من الغرب ونظرتها إلى الشعوب والمجتمعات التى تعتبرها نموذجاً يتوجّب الاسترشاد به، والحلم بالوصول إلى مستواها المعيشى وبيئة الحياة فيها.

تحديد الموقف من عناصر التعليم والثقافة والاقتصاد والدين والتاريخ والمستقبل والغرب وغير ذلك من عوامل، يُعد الخطوة الأولى فى تحقيق الحلم بمستقبل أفضل، وطرح السؤال حول امتلاك الأدوات التى يمكن بلوغ المأمول فيها على مستوى كل عنصر من هذه العناصر يعد مسألة محورية إذا كان العرب يريدون أن يجدوا لأنفسهم موضع قدم على خريطة المستقبل، وبغير ذلك ستواصل الشعوب العربية ندب حظها، ولعن واقعها دون أن تصل إلى شىء.

علينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة على مستوى كل أداة من أدوات «صناعة المستقبل»، وعلينا قبلها أن نسأل: هل نحن شعوب تتحمّل معرفة الحقيقة، أم تهوى العيش فى الأكاذيب والشعارات والحنجوريات؟.

لقد قالها «فتحى غانم» ذات يوم فى رواية «تلك الأيام» على لسان بطلها الذى دخل فى حوار مع أستاذه الفرنسى المشرف على رسالته لنيل درجة الدكتوراه فى «التاريخ»، حين حكى له حلمه فى كتابة التاريخ الحقيقى للعرب، فعلق الأستاذ سائلاً: «وهل شعوبكم تتحمّل معرفة الحقيقة؟».

يكفى فى هذا السياق أن نشير إلى أنه على مستوى كل من التعليم أو الثقافة وغيرهما من الأدوات التى يمكن أن تسهم فى صناعة المستقبل، يجد العربى نفسه دائماً ضحية لغيره، ويصعب عليه تصور أنه أحد الأسباب المباشرة للمحن التى يعانيها على مستوى أى من عناصر الحياة الراضية، التى تبرّر حلمه بمستقبل أفضل.نحن بحاجة إلى وقفة متأنية مع الذات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العربي المأزوم العربي المأزوم



GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

GMT 06:16 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

مشكلة إصلاح التعليم

GMT 07:57 2024 الأحد ,21 تموز / يوليو

رصاصة النجاة

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان ـ مصر اليوم

GMT 09:09 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب
  مصر اليوم - تجديد جذّري في إطلالات نجوى كرم يثير الجدل والإعجاب

GMT 08:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة
  مصر اليوم - وجهات سياحية فخّمة تجمع بين جمال الطبيعة والرفاهية المطلقة

GMT 08:53 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض
  مصر اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث متعددة الأغراض

GMT 09:29 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان
  مصر اليوم - طهران ترحب بوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 09:22 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 23:00 2018 الأربعاء ,05 أيلول / سبتمبر

البيت الأبيض يصف كتاب "بوب وودورد" بأنه "قصص ملفقة"

GMT 09:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار في الديكور للحصول على غرفة معيشة مميزة في 2025
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon